ردود فعل مختلفة تلك التي أثارتها اللقاءات الأخيرة التي جمعت الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الاسلامية التونسية مع عدد من الرموز المهمة التي تمثل نظام زين العابدين بن علي، خصوصا بعد أن قامت هذه الرموز التي كانت تعتبر ركائز الرئيس التونسي المخلوع بتزكية الغنوشي والإشادة بحركته، رغم أن الإسلاميين كانوا يعتبرون العدو رقم 1 للنظام التونسي البائد.
وكانت هذه الاجتماعات بين الغنوشي ورجال نظام بن علي قد بدأت في شهر يوليوز 2013، عندما لاقى الغنوشي “وفدا تجمعيا” ضم العديد من الشخصيات التابعة لبن علي، يتقدمهم وزير الداخلية الأسبق عبد الله قلال الذي كان يلقب بـ “قاهر النهضة” خلال حكم بن علي، بينما يصنفه النهضويون أنفسهم على رأس قائمة أعداء الحركة الإسلامية في البلاد، في الوقت الذي قال فيه العهمي الوريمي، المكلف بالمكتب الثقافي والإعلامي للنهضة بأن هذه اللقاء ات تعتبر “اهتماما بالمستقبل وليس بكاء على أطلال الماضي”، مضيفا :” نحن اخترنا التقارب بأن يخطو كل واحد خطوة باتجاه الأخر وبالاعتراف المتبادل”.
وقال ذات المتحدث في تصريحات صحفية أن التقارب بين الحركة الاسلامية وبين رموز زين العابدين بن علي لها عدة أبعاد من أبرزها رؤية الشيخ راشد الغنوشي السياسية وبتصفية القلوب، لأنه مقتنع تماما أن الطريق الصحيح سيكون دون شك تحقيق مصالحة وطنية حقيقية وشاملة.
وأضاف الوريمي أن هذه المقابلات تدخل في إطار حماية مسار العدالة الانتقالية في البلاد معلقا :” لم نختر في تونس للذهاب إلى العزل السياسي أو تحصين الثورة.. بل اخترنا تحصين ثورتنا بالتضامن الوطني والمصالحة الوطنيتين، مستطردا :” علينا جميعا حمايتها من الانزلاقات التي يقف وراءها أشخاص يريدون إجهاضه وآخرون يريدون تصفية حساباتهم بهدف تحقيق أهدافهم السياسية على حساب أطراف أخرى”.
من جهته اعتبر قيس سعيد، المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري في تصريحات صحفية أن التقارب ما بين النهضة ورجال زين العابدين بن علي هو استعداد لمرحلة قادمة، سيتم فيها نسيان أو تناسي الخلافات السابقة في الظاهر، في الوقت الذي سيقوم كل طرف بإعداد العدة للمراحل القادمة.
وقال سعيد :” لا يعني اللقاء تلو اللقاء أنّ الطرفين تناسيا التاريخ ولكن كل طرف يريد أن يجد سندا في الثاني سواء أكان ذلك في الانتخابات القادمة أم للمرحلة الراهنة، هي تحالفات في مواجهة تحالفات أخرى”، مضيفا في حديثه عن التحالفات :” هذه تحالفات ليست واقعية، ذلك لأنه لا يمكن أن نصنع تاريخا جديدا ببقايا تاريخ قديم”
وقال ذات المتحدث أن ضررا قد يصيب الحركة بسبب علاقتها مع رموز بن علي، ذلك لأن الحركة تعيش تجاذبات داخلية، لأن المواقف داخل النهضة لم تعد متجانسة مع ما يصدر للخارج، حيث ظهرت اتجاهات مختلفة داخل الحركة من الداخل.