كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن جوانب خفية من حياة الثائر الكوبي تشي غيفارا، بمناسبة الذكرى 50 لوفاته، وذلك بعد لقاء مع أحد افراد عائلته المقربين، والذي لم يتم الافصاح عن هويته.
وقالت الصحيفة في تقريرها :” الصحفي جورج دوبوي جمع هذه الذكريات الحميمة في تقرير نشر سنة 1967. وبين أسطر هذه الذكريات، تم اكتشاف جملة من الأسرار المجهولة عن أحد رموز الثورة الكوبية، وكيف تكونت قناعاته وتطور مستقبله السياسي، ليترك بصمته في التاريخ، ويجعل ذكراه راسخة في الأذهان حتى بعد 50 سنة من وفاته”، مضيفا :” إرنستيتو الذي أصبح “تشي”، كان حساسا للغاية، ويتميز بروح الدعابة. كما أنه لا يفهم كيف تحول ذلك الطفل الصغير، المتحفظ والمتواضع والمتميز، إلى زعيم حرب العصابات، وقائد الثورة”. كما أضاف المصدر نفسه أن “حياة كل من تشي وعائلته كانت جزء من حياة أمريكا اللاتينية… التي يحكمها قادة طغاة، وتجتاحها الأزمات والبؤس الاجتماعي والثورات… والتي نشأت فيها حرب العصابات. وعموما، كان “تشي” وليد هذه الاضطرابات”.
وأفادت “لوفيغارو” :” سيليا دي لا سيرنا كانت فتاة في مقتبل العمر بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وتوفي والداها مخلفين لها ثروة هائلة. وكانت دي لا سيرنا فتاة تسخر من مجتمعها الذكوري في ذلك الوقت. فضلا عن ذلك، كانت هذه الفتاة الغنية، التي لا تتوافق مع الطبقة الأرستقراطية، تلقب بالثائرة”، مواصلة :” سيليا دي لا سيرنا اختارت إرنستو جيفارا لينش، شريكا لحياتها من بين الجميع. إن إرنستو شاب إيرلندي الأصل، ينتمي إلى الطبقة الأرستقراطية الأرجنتينية، ويحتقر هذا المجتمع، شأنه شأن دي لا سيرنا. وفي نهاية المطاف، تزوج إرنستو وسيليا، وهو ما كان بمثابة الخطوة التي وحدت ثورتهما وتمردهما وأسلوبهما الفريد من نوعه في الحياة”.
وكشف التقرير :” بعد ولادة إرنستو، انتقل الزوج للعيش في حي فلورا الأرستقراطي في بوينس آيرس. لكن، لم يلائم مناخ هذا الحي الواقع على مقربة من نهر دي لا بلاتاء صحة الطفل المريض. من جهة أخرى، كان إرنستو المفضل بين إخوته، كما يحظى بعناية خاصة؛ نظرا لهشاشة وضعه الصحي”، موردا :” تغيير إرنستو لبيئته باستمرار، أمر أضر بثروات العائلة جيفارا. ويضاف إلى العوامل الأخرى التي لم تكن في صالح عائلة زعيم الثورة الكوبية، الأزمة الاقتصادية التي لحقت بشمال أمريكا الشمالية، بما في ذلك الأرجنتين، خلال ثلاثينات القرن العشرين. في المقابل، أدى نمو عدد أفراد الأسرة، ورفض إرنستو العمل، إلى تدهور العلاقة بين الزوجين”.
وأشارت الصحيفة الفرنسية أن تشي غيفارا لم تخلص من نوبات الربو التي رافقته طيلة حياته، لكنه في نفس الوقت كان محبا للحياة، مستدركة :” كان “تشي” جديا للغاية، كما لو أنه قد نضج قبل الأوان. وخلال حديث أبويه وأصدقاء العائلة عن الحرب الأهلية في إسبانيا، كان إرنستو يستمع إلى هذه الأحاديث الشيقة بصمت”.
وتابعت “لوفيغارو” :” عدد الأمريكيين اللاتينيين الذين كانوا يظهرون تعاطفهم مع الإسبانيين وما يمرون به خلال الحرب الأهلية كان قليلا. في المقابل، لم تتردد عائلة جيفارا في إظهار مساندتها للجمهورية الإسبانية. علاوة على ذلك، في حركة متمردة، منح إرنستو كلبته المفضلة اسم رئيس الحكومة الإسباني الجمهوري”، مذكرة :” إرنستو عاش فترة شبابه في ظل حكم بيرون، الذي تميز بالديماغوجية. وخلال هذه الفترة، لم يكفّ والداه وأصدقاؤهما عن الحديث عن عالم السياسة وما يدور فيها. وإلى غاية دخوله إلى الجامعة، لم يظهر إرنستيتو موقفه السياسي، إلا أنه كان يتخذ مسافة من أصدقائه، ولا يكشف لهم عن مواقفه السياسية؛ لأنه لا يثق فيهم”.