اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إيران أصبحت تبسط سيطرتها وبشكل واضح على أفغانستان بعد الفراغ السلطوي الذي خلفه خروج الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت الصحيفة في تقرير لها :” باكستان والسعودية تظلان القوتين المهمتين في أفغانستان، إلا أن الإيرانيين يحاولون إيجاد موطئ قدم لهم، ولو بالتعاون مع حركات التمرد ضد الحكومة، لافتة إلى هجوم نفذه مقاتلو حركة طالبان على مدينة فراه عاصمة الإقليم القريب من الحدود الغربية مع إيران”، ناقلة عن بعض الخبراء في المنطقة قولهم :” تدفق مقاتلو حركة طالبان على مواقع الشرطة، وسيطروا على ضفة النهر في المدينة، وفرضوا حصارا عليها في أكتوبر، استمر لثلاثة أسابيع، ولم يفكه إلا استدعاء الطيران الأمريكي، حيث إنه بعد انجلاء غبار المعركة عرف القادة الأفغان أن من يقف وراء الهجوم السريع كان إيران، حيث قتل أربعة قادة كبار في الجيش الإيراني في العملية، فيما تم نقل قتلى وجرحى حركة طالبان إلى الحدود القريبة من إيران، حيث يتم تدريب وتجنيد المتمردين، مشيرة إلى أنه يعد الهجوم المنسق لحركة طالبان الأكثر جرأة وطموحا منذ عام 2001، لكنه جزء من الحملة الإيرانية لملء الفراغ في أفغانستان”.
وتابعت الصحيفة الأمريكية :” في الوقت الذي يتراجع فيه الدور الأمريكي، فإن إيران تقوم بدفعة قوية لم يشهدها هذا البلد منذ عقود، حيث تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خسارة أمريكا الحرب في أفغانستان، وهدد بعزل القادة المسؤولين عن إدارتها، لافتة إلى أن الحرب في أفغانستان تعد الأطول التي تخوضها الولايات المتحدة في تاريخها، وقتل فيها 150 ألفا من الطرفين، وأنفقت عليها تريليونات الدولارات”، مؤكدة :”الولايات المتحدة تخلصت قبل عقد من الزمان من أعداء إيران على حدودها؛ حركة طالبان في أفغانستان، وصدام حسين في العراق، واستفادت إيران من الفرصة، حيث قامت بهدوء وبجد لتحويل الأمر لصالحها، ففي العراق قامت باستخدام فوضى الحرب الأهلية، وانسحاب الأمريكيين، وإقامة دويلة تابعة لها هناك، أما في أفغانستان فتعمل إيران على التأكد بعد انسحاب القوات الأجنبية في النهاية من وجود حكومة في كابول صديقة لها، وإن لم تكن فلا تهدد مصالحها، أو تصطف معها”.
وأورد التحقيق عن سكان أفغان قولهم :” إحدى الطرق لتحقيق هذا الأمر هي من خلال مساعدة عدوتها القديمة، وهي حركة طالبان، والتأكد من أن جماعة وكيلة لها تقوم بزعزعة استقرار البلد دون الانتصار، مستدركة بأن دعم متمردين للسيطرة على محافظة أفغانية يحمل الكثير من المخاطر”.
وكشفت “نيويورك تايمز”:”إيران قامت بجهود سرية ظهرت نتائجها الآن، حيث زودت مقاتلي حركة طالبان بالسلاح والمال، ووفرت لهم التدريب، وقدمت لقادة الحركة المحليين الملجأ الآمن والوقود لشاحناتهم، ووسعت من صفوف حركة طالبان، من خلال عمليات تجنيد بين اللاجئين الأفغان السنة داخل أراضيها، حيث يقول محمد عارف شاه جهان، وهو أحد مسؤولي الأمن في فراه: “تغيرت السياسة الإقليمية”، ويضيف أن “حركة طالبان القوية هنا هي حركة طالبان إيران”.
وأفادت كاتبة التقرير :” حركة طالبان وإيران وصلتا مرة إلى حد القتال، عندما كان المقاتلون في الحكومة، وقتلوا 11 دبلوماسيا إيرانيا في أفغانستان عام 1998، وبعد ذلك دعمت إيران المعارضة لحركة طالبان، وتعاونت في البداية مع الغزو الأمريكي لأفغانستان الذي أنهى حكم حركة طالبان” قبل أن تستدرك بالقول :”مع طول أمد الحرب، فإن إيران تقوم بتقديم دعم لطالبان لتدمي الأمريكيين وحلفائهم، من خلال زيادة كلفة الحرب البشرية والمالية عليهم، حيث أن إيران اكتشفت في حركة طالبان العدو الأقل ضررا بين أعدائها، ويمكن تحويلها لجماعة وكيلة عنها، مشيرة إلى أن ظهور تنظيم الدولة في أفغانستان كان دافعا آخر لزيادة توجه إيران لدعم حركة طالبان، و”ربما زاد الدعم بعد الهجوم الذي نفذه تنظيم الدولة قبل شهرين على البرلمان الإيراني ومرقد الإمام الخميني”.