في الجزائر صناعة غريبة لا توجد في المجتمعات الغربية المتحضرة ألا وهي ظاهرة أو صناعة الطواغيت… نعم نحن الذين نصنع الطواغيت في كل مناحي الحياة.. في العمل نمجّد المدير ونعظمه وننافقه حتى نصنع منه طاغوتا مع أنه إنسان مثلنا وربما نكون أكثر منه خبرة في مجال العمل وربما وصل إلى منصب الإدارة بواسطة قريب أو حبيب لكننا مع ذلك نحيطه بهالات العظمة والتمجيد والإطراء والثناء حتى يظن أنه فعلا شخصا مهما له كاريزما معينة تختلف عن الآخرين فيتحول من شخص عادي إلى طاووس منتفش الريش على محياه علامات الكبر والغرور والسبب نحن في كل ذلك.
وفي مجال الحكم نصنع نحن من رئيسنا أو من جنرال طاووسا أكبر حجما وطاغوتا وفرعونا أرعنا ونهيل عليه من صفات التمجيد والقداسة ما لا توجد إلاّ في الآلهة فنصنع منه إلها صغيرا والعياذ بالله فهو الرئيس الأوحد وهو الزعيم الملهم مع أن الرئيس في الدول الغربية لا يستمر في الحكم سوى أربع سنوات أو ثمان سنوات على أكثر تقدير ثم يرحل هذا الرئيس في هدوء ليتفرغ لكتابة مذكراته عن السنوات التي قضاها في الحكم ثم يأتي رئيس آخر ليكمل مسيرة بلاده في ديمقراطية لم يعرفها الشعب الجزائري مند الاستقلال حتى الآن للأسف.. ويظل هذا الرئيس المعجزة ببلداننا في الحكم حتى يلفظ أنفاسه أو يحدث ضده انقلاب من المقربين منه “الجنرالات” فيعزلونه من الحكم أو ربما يقتلوه ولو رجعنا إلى ديننا الإسلامي لوجدنا أن نظام الحكم فيه ديمقراطي فالخليفة الراشد الأول أبوبكر الصديق يقول في خطبته الأولى بعد توليه الخلافة: «إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على حق فأعينوني وإن رأيتموني على باطل فسددوني» والخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب يقول: «رحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي» وعندما حاججته امرأة وهو يخطب على المنبر في قضية المهور قال قولته الشهيرة : «أصابت امرأة وأخطأ عمر» فلم يكن في الإسلام في بداياته الأولى أي استئثار بالحكم والسلطة بل كان الأمر شورى بين المسلمين تنفيذا لأمر الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم (ص): «وشاورهم في الأمر» لكن الأمر تغير ونحن كجزائريين نأمل أن يأتي اليوم الذي نعيش بديمقراطية كباقي شعوب العالم ولا نصنع ألهة من ورق مثل بومدين مرورا بجنرال توفيق وصولا للقايد صالح.