في الدول الديكتاتورية والتي يحكمها الجنرالات عندما يخرج فيها المواطنون إلى الشوارع للتعبير عن تذمرهم من أوضاعهم الاجتماعية والمهنية فذلك يعكس وجود مجتمع يتحرّك لكن أن يثور رجال الشرطة في الجزائر على قيادتهم ويفجّروا هذا الشعور في العلن وبدون خوف فذلك يعني أن حالة من الوهن أصابت هرم النظام فقد قال شرطي لأحد المواطنين في مظاهرات يوم الجمعة نحن معكم ولن نتبع أوامر احد في دولة ليس بها رئيس!؟؟.
هذه الجملة تقدم قراءة دقيقة ووافية لأوضاع البلاد حاليا فأفراد الشرطة ما عبّروا عن ضيقهم ذرعا بأوضاعهم إلا لأنهم شعروا بأن ظهورهم تعرّت وبأنهم في فم المدفع نتيجة المواجهة التي وضعوا فيها ضد شرائح واسعة من المجتمع يعتريها شعور بالقلق من مستقبل غامض وهذا دليل على أن المؤسسة التي ينتمون إليها فقدت هيبتها وأن قيادتها ليست في مستوى المسؤولية الكبيرة المكلفة بها وهي ضمان أمن المواطن ضد كل أشكال الإجرام في المدن وعاجزة عن حماية المنتسبين للمؤسسة نفسها من كافة أشكال الضغوط فمؤسسة الأمن الوطني كغيرها من الهيئات والشركات الحكومية يشعر غالبية الموظفين فيها بالضيق من ازدواجية المقاييس في الترقية والوصول إلى المناصب والامتيازات فلا غرابة أن يسمع الشرطي يصرخ في الشارع لست أنا من ينبغي أن يتحمّل فاتورة حل أزمات البلاد ولحالة التذمّر العارمة التي اجتاحت سلك رجال الأمن الوطني وجه آخر ذو أهمية بالغة في الظروف التي تمرّ بها البلاد فهي تعكس حالة شغور في أعلى هرم البلاد وتعكس تعدد مراكز القرار وغموضها كونها مجهولة وهي حالة أخطر من عجز رئيس الجمهورية عن أداء وظيفته وبحكم المهن فرجال الشرطة أكثر قطاعات المجتمع وعيا بأن غياب رئيس عن تسيير شؤون البلاد بنفسه وليس بالوكالة يعرّضها لكل الاحتمالات أخطرها الانفلات الأمني ولذلك هم مقتنعون أنهم أول من سيكون في الخطوط الأمامية لمواجهة انزلاق أمني إن حدث وهم أول من سيدفع الفاتورة بالعقاب الإداري أو حتى السجن في حال التقاعس عن أداء المهمة أو التورط في تجاوزات وفعلا هذا ما وقع فقد حصل موقعنا على معلومات حصرية تفيد أن الحاكم الفعلي للبلاد الفريق أحمد قايد صالح رئيس الأركان نائب وزير الدفاع وبخ عبد القادر قارة بوهدبة المدير عام للأمن الوطني وقال له بالحرف تعامل بحزم مع نسائك (لأن قايد صالح دائم يسمي رجال الشرطة بنساء)وأطرد كل مخالف للأوامر وإن إقتضى الأمر إعتقلهم ولا أريد أن تتكرر مهزلة يوم الجمعة وإن لم تستطع فعل ذلك استقيل وجلس في منزلك وفعلا تم توقيف وطرد العديد من أفراد الشرطة الشرفاء والذين فضلوا فقدان مناصبهم على ضرب إخوانهم…لك يوم يا ظالم لك يوم يا قايد صالح.