بعد أن كشف وزير الأشغال العمومية و النقل عبد الغني زعلان أنّ تكلفة انجاز توسعة مطار هواري بومدين الدولي بلغت 8 آلاف مليار انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو جديدة لتوسعة مطار هواري بومدين الدولي ويقارن أصحاب هذه الصور ميزانية التوسعة مع ما أنجز على ارض الواقع ويتسائلون بكل براءة هل ما أنجز يستحق كل هذه الأموال.
من البديهيات المعروفة للجميع سواء أكانوا دولاً أم شركات أو أفراداً أنه عندما تنخفض الإيرادات تقوم هذه الجهات بخفض المصروفات إلى مستوى قريب من تراجع الإيرادات والهدف في كل الأحوال هو تقليل العجز في الميزانية العامة إلا نحن في الجزائر فهناك مبدأ سارت عليه الدولة منذ سنوات طويلة هو أن المصروفات المتكررة تزيد في كل دورة ميزانية بغض النظر عن ارتفاع الإيرادات أو انخفاضها حتى أصبح مبدأ زيادة المصروفات المتكررة راسخاً ولا يمكن التراجع عنه بل إن هذا المبدأ جعل الدولة تهتم بتضخيم المصروفات أكثر من اهتمامها بخفضها وهنا تطرح أسئلة كبيرة حول آليات المراقبة والتأكد من احترام بنود دفاتر التحملات قبل تسلم الأشغال المبرمجة في إطار الطلبيات العمومية لأن هذا القطاع يشكل ركيزة أساسية لرقم معاملات عدد مهم من مقاولات الجنرالات حيث انتقل المبلغ الإجمالي للاستثمارات العمومية من 267.3 مليار دينار سنة 2013 إلى 489 مليار دينار سنة 2018 حيث تكشف هذه الأرقام طبيعة الاستثمارات الضخمة المنجزة في مجالات مختلفة وتوضح جسامة المسؤولية الملقاة على مدبري الشأن العام لمراقبة كيفية تمرير الصفقات في احترام تام لمبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص وضرورة القيام بالمتابعة اللازمة عند تقدم أشغال إنجازها لكن منطق الحكامة والشفافية الذي يبقى القاعدة القانونية والأخلاقية التي يجب اعتمادها في هذا المجال يتم في بعض الحالات تجاوزه سواء من طرف صاحب الصفقة أو حتى من طرف بعض المقاولات التي تعتمد أساليب مختلفة لنيل الصفقة وتحقيق أكبر ربح ممكن على حساب الجودة والمدة الزمنية المخصصة لتقديم الأشغال فسندات الطلب تبقى أحد أبرز المجالات التي ترصد تقارير رسمية تلاعبات مختلفة في تدبيرها بالنظر إلى طبيعتها المرنة وإمكانية اللجوء إلى مفاوضات مباشرة بطرق ملتوية قصد منح السند إلى مقاولة بعينها ولذلك يجب على صاحب المشروع (الدولة) أن تستشير كتابة ثلاثة متنافسين على الأقل وأن تقدم ثلاثة بيانات مختلفة للأثمان على الأقل مقدمة من طرف المتنافسين المعنيين ما عدا في حالة الاستحالة أو عدم الملائمة بيد أن إمكانيات التهرب من المنافسة تبقى قائمة ومنها اللجوء إلى مقاول واحد الذي يتكلف بتقديم ثلاثة بيانات مختلفة للأثمان لشركات مختلفة فيقوم بتحديد السعر بالطريقة التي شاء استنادا إلى المفاوضات التي تتم مع الجهة صاحبة الصفقة أكثر من ذلك فمرحلة التسلم تشهد خروقات تصل حد إصدار وثائق تسلم توريدات وهمية وهذه من أبرز الاختلالات والتلاعبات التي يتم اللجوء إليها للتحايل على القانون.