ما كتبت هذا الموضوع إلا تأثرا بالذي يحصل هذه الأيام فأي واحد منا ممكن أن يموت في أي لحظة……. وكل يوم نسمع خبر وفاة فلان وفلان قريب أو بعيد طفل أو شاب أو عجوز بسبب أو بدون سبب نعلم أن الموت والحياة بيد الله أولاً وأخراً ولا نعلم متى سوف يكون دورنا ولا يعلمه إلا الخالق عزّ وجل ونحمد الله عز وجل على نعمة الإسلام وما هو عليه حال المؤمن في السراء والضراء وأسال الله تعالى أن يحسن خاتمتنا أجمعين فمهما تعددت الأسباب المؤدية إلى الموت فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ولن يستطيع أحداَ من الأنس أن يرد قضاء الله وقدره مهما كان ونحمد الله تعالى أننا على دين الحق ونسأله أن يحسن خاتمتنا أجمعين.
نعم { كل نفس ذائقة الموت} (آل عمران: 185) هذه هي الحقيقة الأبدية والقاعدة الكلية التي ليس فيها استثناء فالموت باب سيدخله الجميع ويشربون كأسه ولم يجعل الله سبحانه وتعالى لأحدٍ الخلد في الدنيا ولكنّه أجلٌ مكتوب وعمرٌ محسوب وهذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالعاقل من التمس نعيماً لا موت فيه. وإذا أجرينا مقارنةً بين الكيفيّة التي كان الناس يموتون فيها سابقاً وبين ما آل إليه الحال في أيامنا هذه لوجدنا مفارقةً تسترعي الانتباه ففي السابق كان الموت يحل بالناس لأسباب الحرب: طعنةٍ برمح أو ضربةٍ بسيف أو رميةٍ بسهم أو نزفٍ لجراح وكذلك لأسبابٍ مرضيّة والتاريخ يذكر لنا كيف كان الناس يعانون من أمراضٍ مزمنةٍ تلزمهم الفراش أوقاتاً متطاولةً حتى ينتهي بهم المطاف إلى مغادرة الدني وثمة أسبابٌ أخرى تتفق مع ما سبق في سمةٍ واحدة: أن الموت كان يحلّ بصاحبه شيئاً فشيئاً وقلما نسمع عن حلول الموت فجأة وبغتةً.بينما في العصر الحاضر، نلحظ تزايد حالات الموت الفجائي الذي لا يُمهل صاحبه ونستطيع القول أن مظاهرَ وأسباباً جديدةً قد برزت إلى الوجود وكلها ترتبط بظاهرة الموت الفجائي وتسبّبه فالموت فجأةً هو أمرٌ طاريءٌ على تاريخ البشريّة صحيحٌ أنه كانت له صورٌ في السابق إلا أنه لم يكن بمثل هذه الكثافة التي نراها هذه الأيام فهل لهذه الظاهرة المعاصرة علاقةٌ بالحديث عن أشراط الساعة وعلاماتها؟ بالعودة إلى السنة نجد أن تزايد حالات الموت الفجائي علامةٌ أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم وبيّنها ووضّحها تمام الوضوح والعمدة فيها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة) رواه الطبراني وحسّنه الألباني. فقوله صلى الله عليه وسلم (أن يظهر موت الفجأة) يدل على أن هذه الحالة كانت موجودةً في السابق وإنْ بشيءٍ من القلّة، فلم تكن ظاهرةً عامّةً ولكن حالات معدودة يمكن وصفها بالندرة ثم يؤول الحال بمقتضى الحديث السابق إلى بروز هذه الظاهرة وتزايد حالاتها وتناميها بحيث يلحظها الجميع حيث يكون الشخص جالس معنا بصحة وعافية وبمجرد أن يغادرنا إلى مكان ما تصلنا أخباره أنه توفي فتتساءل كيف مات وهو كان بصحة وعافية وتنسى أن الموت لا يأخذ مواعيد مع البشر………