بعدما تحاورت عصا الدولة مع رؤوس الأطباء جاء الدور على رؤوس الطلبة فقد قامت إشتباكات عنيفة بين طلبة إقامة حسناوة بتيزي وزو و قوات الأمن فالإشتباكات بدأت عندما قرر الطلبة الخروج من حرم الإقامة الجامعية للتظاهر سلميا على ظروف إقامتهم القاسية و غياب التدفئة ليصطدموا بكم هائل من قوات الأمن أمام المدخل التي لم تتوانى في تدفأت رؤوس الطلبة.
المظاهرات تحدث طبيعيا نتيجة للقهر الذي تمارسه السلطة على الفرد وعدم تكافؤ الفُرص في مجتمعه وعدم الحصول على حقوقه كأحد أفراد هذا المجتمع وتحدث المظاهرات نتيجة الفقر المادي لطبقة واسعة مع تعذّر وسائل الإشباع لهم من قِبل المجتمع ما يدفعهم لتبنّي التظاهر كحلّ وحيد لإيصال معاناتهم. فالدولة هي التي تمارسه وتؤطّره وتحظر على غيرها استعماله وفي المقابل يتنازل الإنسان للدولة عن هذه الممارسة ممتثلا لإرادتها ما دامت تحافظ له على السِلم الاجتماعي. فيصبح العنف المُبرر هنا في منظومة الدولة هو ما يتم بواسطة المؤسسات القانونية أو كما يؤكد ماكس فيبر أن حيازة الدولة لكل أشكال العنف يتطابق في الأصل مع طابعها القانوني وأن من أكبر مهمات الدولة الحد من العنف والسعي إلى إلغائه وذلك باستخدام العنف نفسه غير أن سؤالا محوريا يظهر هنا وهو هل من يمارس العنف هو قانون الدولة أم دولة القانون؟ فالدولة حين تمارس العنف لأجل القانون فإنها بذلك تحتفظ بشـرعيتها المستمدة من القانون أمام مواطنيها لكن عندما يحدث العكس فإنها تتعامل بالقانون الذي يخدم الديكتاتور وهنا يخرج العنف عن شرعيته ويصبح ممارسة قمعية قهرية وأداة في يد السلطة لتطويع الشعب. إن أهم أسباب ظهور المظاهرات غياب مجتمع مدني أو عدم فعاليته وفشل الدولة في تحقيق مطالب الشعب وفقدان الشرعية وغياب الديمقراطية والمشاركة السياسية الفعالة والتعددية السياسية عدم وجود عدالة اجتماعية وإخفاق برامج التنمية الاقتصادية في تحقيق مطالب المواطنين مع زيادة التفاوت الطبقي وعجز الدولة عن تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين والاستبداد السياسي أو التعالي السلطوي أو السلطة الشمولية التي تنكر حق الآخر في المشاركة السياسية.
إن انعدام الحياة السياسية الوطنية السليمة وغياب المؤسسات الشعبية عن المشاركة بالشأن العام يولد الانفجار الاجتماعي ويسهم في إقناع العديد من الأفراد بخيار التظاهر وتكون الدولة القمعية هي من الأسباب الرئيسية في إخفاق المجتمعات في مشروعها النهضوي والتنموي .