تعكس الأرقام الرسمية حول البطالة سعيا حكوميا إلى الإيهام بوجود تغيير اجتماعي مُوازي للنمو الاقتصادي الذي تعرفه البلاد !!! فحسب إحصائيات المركز الوطني للإحصائيات فعدد البطالين في الجزائر بلغ قرابة مليون ونصف مليون جزائري بارتفاع بسيط على السنة الماضية بعد أن كانت السنة الماضية في حدود 10بالمائة وهذه السنة 11.7 بالمائة ولكن الأرقام الرسمية تصطدم في حقيقة الأمر بواقع مغاير يطغي عليه تنامي الحركات الاحتجاجية المطالبة بالتشغيل خصوصا خلال الثلاثية الأولى لسنة 2017 إضافة إلى تجميد الانتداب في القطاع العام وركوده في القطاع الخاص خصوصا في ظل موجة الغلق التي تعرفها العديد من المؤسسات الخاصة.
الأرقام الرسمية حول البطالة تندرج ضمن إستراتيجية التهدئة التي تتبعها السلطة ولا تعكس واقعا اجتماعيا لأن عدد المعطلين عن العمل في ازدياد كبير جدا خصوصا في ظل توافد المتخرجين الجدد من الجامعات كما تشهد البلاد ظاهرة فقدان الشغل خصوصا في القطاع الخاص واللجوء إلى مكاتب التشغيل أصبح فاقدا لأي مصداقية لأن هذه المؤسسات تحولت فقط إلى مكاتب تسجيل مرهقة وهي تكلف ميزانية الدولة أموالا باهضة إن النسب الرسمية علاوة على ما تطرحه من إشكاليات سياسية متعلقة بالتماهي بين مؤسسات الإحصاء وتوجهات السلطة فهي تكشف عن إشكالات منهجية وأخلاقية تقوض مصداقية هذه المؤسسات وفي هذا السياق سبق وان نشر موقعنا مقالا حول معدلات الفقر التي نشرها المركز الوطني للإحصاء أواخر ديسمبر 2016 وأوضحنا فيه التلاعب المنهجي والإحصائي الذي شهدت عملية الإحصاء فالأرقام والإحصاءات أصبحت ببلادنا قيمة متغير تختلف عن بعضها اختلافات كبيرة حسب ميول المتحدث السياسية فقد تصل إلى 3 أضعاف أو أكثر فالمشكلة الأكبر هي أنه ليس هناك حسيب أو رقيب ما يشجع هؤلاء الرسميين على التمادي في فبركة الأرقام المناسبة لميولهم السياسية إلى حد يندر وجوده في العالم ومثل واضح على ما نقول هي الأرقام المتداولة حول نسبة البطالة فهذه النسبة كما هو معروف هي ذات أهمية كبيرة في وضع السياسة الإقتصادية في معظم دول العالم ولذا تقوم هذه الدول بمسح للبطالة كل شهر (أو على الأكثر كل ثلاثة أشهر) لتحديد أي تغير ولو صغير جداً في مستوى البطالة تتم على أساسه معرفة النمو الاقتصادي من خلال تغييرات في السياسة المالية والنقدية.
البطالة مشكلة اقتصادية كما هي مشكلة نفسية واجتماعية وأمنية وسياسية وجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ لاسيما بين الشباب يؤدي إلى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة. وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم غالى مشاكل أساسية معقدة ربما أطاحت ببعض الحكومات فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسؤولون عن مشكلة البطالة. ويؤكد الواقع أن هناك الملايين من البطالين عن العمل من جيل الشباب وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان وتخلف أوضاعهم الصحية و عجزهم عن تحمل مسؤولية أسرهم كما تفيد نفس الإحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية كما لها آثارها على الصحة الجسدية