تجمع أرقام أغلب التقارير التي أصدرتها مؤسسات دولية بخصوص تهريب الأموال خلال سنة 2016 أن الحصيلة الحكومية في معركة استرجاع الأموال المهربة هي حصيلة ضعيفة جدا إذا ما قورنت بقيمة الأموال التي تهرب سنويا ولعل إحدى أبرز المؤسسات التي يعتد بها عالميا لدقة أرقامها هي مؤسسة بنك التسويات الدولي والذي أظهرت أرقام نشرها لسنة 2016 سجلت عودة وتيرة ارتفاع الأموال الجزائرية المهربة إلى الخارج بعد تراجع طفيف على مر السنتين الأخيرتين فيما تشير الإحصائيات والأرقام ذاتها إلى أن مصادر هذه الأموال تبقى في أغلبيتها من الجريمة والرشوة والتهرب الضريبي وتجارة المخدرات بجميع أصنافها وتجارة السلاح.
لماذا لم تقدم الحكومة على مطالبة الدول الأوربية وأساسا سويسرا وبريطانيا بمدها بالحسابات البنكية للجزائريين كما فعلت دول أوربية أخرى ونجحت في استرجاع ملايير الدولارات مثل فرنسا. يقول بعض العارفين أن السبب قد يكون خوف الحكومة من أن تكشف اللوائح على نافذين وجنرالات ومسؤولين كبار في الدولة مما يضع الحكومة في حرج كبير مشابه لما وقع في فرنسا عندما سربت لائحة بأسماء فرنسيين ممن لديهم حسابات في سويسرا وكان موظف في أحد البنوك السويسرية قد أقدم على تسريب لائحة بأسماء 15 ألف من رجال الأعمال الأوربيين يمتلكون حسابات بنكية في سويسرا ومتورطون في تهريب الأموال المثير أن اللائحة كشفت أن وزير الخزانة الفرنسية جيروم كاوزاك آنذاك من بين أصحاب الحسابات البنكية في سويسرا دون التصريح بذلك. حيث يلجأ بعض المسؤولين إلى استغلال نفوذهم من أجل اقتناء عقارات أو إقامة مشاريع دون أن تتوفر فيهم صفة الاستيراد والتصدير ويقوم هؤلاء النافذين ورجال الأعمال بنقل حساباتهم من دول أوربية قد تشدد قوانينها في فتح حسابات بنكية أو لديها قوانين تجبر المؤسسات البنكية على كشف لوائح بأسماء زبنائها إلى أبناك في سويسرا وبريطانيا لأنها لا تطالبهم بمصدرها. وهناك أيضا ضعف المراقبة الجمركية حيث يعد ضعف المراقبة الجمركية أحد الأسباب التي تسهم بشكل غير مباشر في سهولة تهريب الأموال من الجزائر إلى الخارج وهو ما كشفته النزاهة المالية العالمية التي دعت الحكومة الجزائرية إلى تشديد المراقبة الجمركية وتكوين رجال الجمارك تكوينا يسمح لهم بكشف التلاعب والتزوير في الفواتير من أجل الحد من تهريب رؤوس الأموال الذي يضيع على الجزائر مبالغ مالية كبيرة. وتطرقت النزاهة المالية العالمية في تقريرها إلى المبالغ المالية الكبيرة التي تفوت على الجزائر فرصا استثمارية وإنمائية كبيرة وسجلت أن الجزائر فقدت ما يناهز 1000 مليار دولار في عشر سنوات نتيجة تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج حسب ما تكشفه أرقام متوفرة في مؤسسات دولية فيما يشكل التلاعب بفواتير السلع المصدرة أو المستوردة الوسيلة الأكثر استخداما لتهريب الأموال ودعت الهيئة الحكومة إلى تشديد المراقبة الجمركية للحد من تهريب الأموال.
تكشف المؤسسات الدولية أن ما تنشره من أرقام وإحصائيات حول تهريب الأموال يبقى تقريبيا فالمسؤولون الكبار يتفننون في ابتكار الوسائل من أجل تهريب أموالهم مما يصعب رصد هروب هذه الأموال لكن بالرغم من ذلك تظل الأرقام الصادرة بين الفينة والأخرى أفضل كشف لجريمة تهريب الأموال.