نحن شعب لا ننكر المعروف ونتذكر من وقف بجانبنا وكيف ننسى من كنا نستند على ظهره في وقت الشدة كيف لنا أن نتجاوز كل ذلك وننكر المعروف وننسى ؟ فاليوم الإثنين تحل الذكرى ال` 173 لمعركة إيسلي، التي خاضها المغرب تضامنا مع الجزائر والتي كانت آنذاك محط أطماع أجنبية مختلفة، مجسدا بذلك الحديث الشريف الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : (( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى )) فموقعة إيسلي هي معركة قامت بين الجيش الفرنسي والجيش المغربي الذي كان يضم في صفوفه الأمير عبد القادر والمقاومة الجزائرية في 14 أغسطس 1844 م وذلك بسبب مساعدة السلطان المغربي أبو الفضل عبد الرحمن بن هشام للمقاومة الجزائرية ضد فرنسا واحتضانه للأمير عبد القادر الشيء الذي دفع الفرنسيين إلى مهاجمة المغرب عن طريق ضرب ميناء طنجة حيث أسقطت ما يزيد عن 155 قتيل ثم ميناء تطوان ثم ميناء أصيلة.
فقد كان السلطان عبد الرحمن بن هشام تربطه علاقة بيعة وولاء مع الأمير عبد القادر والغرب الجزائري. فوجه السلطان إنذارا إلى الدول الأوروبية بتاريخ 8 سبتمبر 1785 جاء فيه أن: “الذي قبل كلامنا من الدول ولم يدخل الجزائر فنحن معهم على الصلح والمهادنة كما كنا، والذي أراد منهم دخول الجزائر ومراسيها ولم يمتثل ما أمرنا به فنحن معهم على المحاربة”. فكان السلطان عبد الرحمن يرسل المساعدات لأبناء الغرب الجزائري لمواجهة الاحتلال الفرنسي، فكانت المعدات من الأسلحة والذخيرة والخيام والخيول ترسل إليهم من المغرب، وكانت بنادق المجاهدين الجزائريين تصنع في معامل فاس ومكناس ومراكش وتطوان. وأشار تقرير للدبلوماسية الفرنسية الصادر بطنجة يوم 13 يوليو 1830 لهذا: “إن سقوط الجزائر الذي تم الإعلان عنه في خبر الساعة الرابعة قد أثار الغضب وسط المغاربة وتم إعلان النفير والجهاد في عدة مدن”.
فأمام تمادي سلطات الاحتلال الفرنسي في سياسة الأرض المحروقة وملاحقتها للثوار الجزائريين وشنها حملات ضد قبائل الحدود داخل التراب المغربي، توجه الجنود المغاربة بقيادة ابن السلطان وخليفته محمد لملاقاة العدو وكان الجيش المغربي يعوزه التنظيم والتسلح بسلاح المدفعية وفرق المشاة(على عكس في معركة وادي المخازن حيث كان المغرب متفوقا) فاقتصرت قوته الأساسية على عناصر الفرسان. إذ اعتمدت السرايا المشكلة أساسا من مقاتلين لا يتجاوز عدد السرية الواحدة ثلاثين مقاتلا وبحسب الخبراء أنداك أن الجيش المغربي ما قام به كانت عبارة عن عمليات انتحار جماعي فكيف يمكن أن تواجه الخيول المدفعيات فقد روى احد المؤرخين أن سرية من الجيش المغربي تقوم بهجوم فيتم إبادتها بواسطة المدفعية الثقيلة فلا يرتعب باقي أفراد الجيش فتقوم سرية أخرى بهجوم فيتم إبادتها بالمدفعية الثقيلة إلى أن انهزم الجيش المغربي سريعا وسحق من طرف مدفعية العدو في لحظات خاطفة. وفي الجهة البحرية قام أسطول الأميرال جوانفيل بقصف مدينتي طنجة والصويرة. وعلى إثر ذلك وجد السلطان عبد الرحمان نفسه بين كماشتين من النيران مما اضطره للإنصياع لرغبة الفرنسيين وبمجرد وفاة السلطان عبد الرحمان دخل المغرب في الحماية الفرنسية .
هذه المعركة جسدت روابط الدم والأخوة بين الشعبين وبينت أن المستفيد الأكبر من تفرقنا هو المستعمر وأذنابه لذلك علينا إعادة تجسيد الحديث الشريف الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : (( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى )) فقوتنا في وحدتنا .