أيها الناس أين المفرُّ؟! العطلة والبحر من ورائكم وعيد الأضحى والدخول المدرسي أمامكم فليس لكم والله إلاَ التقشف واعلموا أنكم في هذه البلد أضْيَعُ من الأيتام في مآدب اللئام و الله عز وجل لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أي: لا يكلف أحدًا فوق طاقته فالله لم يكلف عباده إلا ما يستطيعون لذلك فلكل شيء طاقة لتحمل وإذا حملناه فوق طاقته فإننا نخسره و لكل أسرة ميزانية يجب إنفاقها بحكمة وعقل وان أنفقت هذه الأسرة فوق طاقتها جرت عليها المشاكل وكذلك كل شيء في حياتنا له محدودية لابد أن نعترف بها فمثلا الحديد الذي نستخدمه في الأسقف له قدرة على التحمل وإذا حملناه أكبر من قدرته فانه ينكسر ويصبح كالعدم ومن ثم ينهار علينا السقف فإذا طبقنا هذا المثال على كل شيء بحياتنا لأصبحت حياتنا أفضل وأسهل .
أصبح ظهر المواطنين مقوس بسبب حملهم المشاكل والهموم والأعباء الاجتماعية فقد اجتمعت مناسبات عدة في فترات زمنية متقاربة مثل العطلة الصيفية والدخول المدرسي وعيد الأضحى وقبلها شهر رمضان وعيد الفطر لتضيق الخناق على جيوب العديد من العائلات الجزائرية الفقيرة أو ذات الدخل المحدود بل تضررت حتى الطبقات المتوسطة من تنامي مصاريف هذه المناسبات المتتالية. وتواجه الكثير من الأسر الجزائرية ثقل مصاريف العطلة الصيفية التي تتطلب السفر والترفيه عن النفس للأطفال خاصة وبعدها مباشرة يحل عيد الأضحى في الأول من سبتمبر بالجزائر وخمسة أيام بعد العيد ينطلق الموسم الدراسي الجديد مع ما يستوجبه من تكاليف مالية مرهقة إن توالي المناسبات الاجتماعية والدينية في وقت زمني وجيز أصاب المواطن بالارتباك والإحباط فما إن تنتهي مناسبة مكلفة مادياً ويفكر رب الأسرة في “الراحة” حتى تبدأ مناسبة مكلفة أخرى فمثلا ما إن انتهى شهر رمضان الذي تصرف فيه الأسر الجزائرية الكثير من النقود تبعه عيد الفطر الذي بدوره يتطلب اقتناء الملابس الجديدة للأهل والأطفال حتى حل فصل الصيف الذي يغري بالسفر والاستجمام وهو ما يجر مصاريف إضافية على رب الأسرة ومع مصاريف الصيف يفكر رب الأسرة في مصاريف الدخول المدرسي الجديد الذي لم يتبق له سوى بضعة أسابيع قليلة والذي يلزم فيه باقتناء الكتب والأدوات المدرسية لأبنائه وعليه أن يصرف بطريقة ما تتيح له شراء كبش عيد الأضحى دون أن يدخل في دوامة القروض. فالمواطن الجزائري أحياناً يُحمّل نفسه ما لا يطيق مادياً واجتماعياً ونفسياً وذلك تحت ضغط الأسرة والأبناء أو حتى الجيران أحياناً أخرى فرب الأسرة لا يريد أن يعيش أقل من جاره لأنّ المواطن الفقير يضطر بدون رغبة داخلية منه إلى مجاراة من هم أكثر منه قدرة مالية ويذهب بدوره للسياحة والسفر رغم أن وضعه الاقتصادي لا يتيح له ذلك وهو ليس مرغماً على فعله لولا ضغوط الأبناء والمحيط القريب وهو الأمر نفسه بخصوص عيد الأضحى مثلاً الذي يقترض من أجله الكثيرون رغم أنه ليس مجبراً على اقتناء الأضحية إذا لم يكن قادراً مادياً على شراء الكبش.
لا شيء يؤرق فعلاً كما تؤرقنا المشاكل المادية ولا شيء يستهلك أعصابنا كما تستهلكها الديون والمطالبات بها ولا شيء يشعرنا ببغض الحياة مثل أن يطلب أبناؤنا شراء غرض ما فلا نجد في جيبنا المال الذي يغطّيه! إن المشاكل المادية تجعلنا قلقين غير مرتاحي البال ومعظمنا يظن أن مصدر هذه المشاكل هو ضيق الوارد المادي وقلة المال إلا أن السبب الحقيقي لها هو أمر آخر يطلق عليه سوء إدارة المصروف أي أننا نصرف أكثر من مدخولنا لذلك فل نتقشف ونعيش على قدر مستوانا.