المعادلة واضحة كلما زاد احتقار المواطن، تزايد احتكار الوطن فاحتقار المواطن البسيط يُحَوِلُ الوطن إلى سجن للمواطن، لذلك فليس مصادفة أن يقبع في السجون آلاف غالبيتهم من الشباب، ونسبة 30 % منهم لأسباب متعلقة بتعثرات مالية وهي رسالة غاية في الخطورة لأنها متعلقة باعتقال المستقبل، وليس مصادفة أن يتزايد الاختفاء القسري والمعتقلين وتتخطي نسبة الفقر وفقا للإحصائيات الرسمية الـ 32 % من بينهم 10 % فقر مدقع، وتدهور الصحة، لصالح العلاج الخاص، والتعليم لصالح التعليم الخاص، وعندما يصبح كل شيء خاص، يصير الوطن أيضا خاص، أي ملكية خاصة يتحكم في معانيها ومفاهيمها مجموعة خاصة، غالبا تتكون هذه المجموعة مني ذوي النفوذ أي من كبار ضباط الجيش ورجال المال.
الحقيقة أن الوطن لم يصبح وطنا للجميع، وأقصد هنا ليس وطنا للفقراء فقد صار الوطن رمزا لشلة من الفاسدين، وعنوانا لقدرة الفساد علي السيطرة، وصورة مكبرة لكل أنواع التزييف والتزوير من تزوير الانتخابات إلى تزييف الوعي، حينما نحيا في وطن كهذا يصبح كل شيء أشِبه بالعدم، ويتجلي الاغتراب في كل صور العدمية الممكنة بدءا من انتشار المخدرات وصولا إلى مشاهدناه مؤخرا من كراء ظهور الشباب فقد صار الوطن سلعة يتحكم فيها من يملكها، وصار المواطن أداة من أدوات الفعل يستدعي في أوقات الشدة ثم يتركوه وحيدا يصارع ضغوط الحياة. هكذا يمكن أن نلخص المشهد الحالي، مشهد كيف يبنون وطنا علي مقاس طموحاتهم وكيف يصنعون مواطنا مؤهلا لرؤية انجازاتهم الوهمية ومستعدا لإنبطاح لكي يركبوه.
هؤلاء الذين يحتكرون الوطن ليحددوا لنا من الوطني ومن الخائن ومن الصديق ومن العدو؟، من المخلص ومن الغادر ؟ …الخ، وأرغمونا أن نكون جميعا في خندق المعارضة، أي خندق الخيانة بالنسبة لهم، كما كنا من قبل في خندق المعارضة أي خندق الشيطان…تلك هي سمة الحكم المطلق، والحاكم المستبد، حينما يرى في المعارضة تجاوزا وقلة أدب وخروج عن اللياقة وتخطي حدود العقل والعقلانية، لمجرد أننا اخترنا طريقا غير الطريق، ونضالنا ضد سياسات نراها ضد الفقراء، لأنهم يحتكرون الوطن، فلا حديث وطني خارج حديث المجد والفخر والعزة برئيس البلاد ونظام الدولة .نعم نعتذر لكم فهذه ظهورنا مِلْكٌ لكم فعلقوا عليها اللافتات أو اركبوها المهم نحن عبيدكم وطوع أمركم.