تعتقد الأم أن طفلها الرضيع يرتبط بها منذ ولادته بسبب حاجته للغذاء أي حليب الرضاعة، ولذلك فهي تهتم بنجاح عملية الرضاعة الطبيعية والتي تحقق أهدافًا صحية ونفسية وسلوكية للطفل، سواء في عمر مبكر أو عندما يكبر قليلًا ويكفي أن الطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية يكون ذا ميول أقل عدوانية من ناحية السلوك مع الآخرين، وقد لاحظ العلماء ذلك في سن الحضانة والمرحلة الابتدائية.
مع اهتمام الأم بارتباط رضيعها بها إلا أن هناك ظاهرة تبدأ في الشكوى منها، وهي أن الطفل قد أصبح متعلقًا بالأم تعلقًا شديدًا، وأصبح بعدها عنه مشكلة وتبحث عن حل لها، ولذلك فقد التقت “سيدتي وطفلك” وفي حديث خاص بـها باستشاري طب الأطفال وحديثي الولادة الدكتور محمد أبو داوود؛ حيث أشار إلى كيف تساعدين رضيعك على تجاوز ظاهرة قلق الانفصال وتقليل أعراضها وتعريفها وسنها، وكذلك تجاوز بعض الأخطاء في التعامل معها، ومن هذه الأخطاء تقليل عدد رضعاته وغيرها من الأخطاء التي لا تعالج هذه المشكلة في الآتي:
تعريف ظاهرة قلق الانفصال
رضيع يبكي بشدة
لاحظي أن طفلك الرضيع سوف يصاب في مرحلة من عمره بظاهرة تعرف بالمتلازمة، لأنها تحدث لديه على مراحل عمرية متفرقة ومتباعدة وهذه الظاهرة تعرف باسم متلازمة “separation anxiety”، وهي تصيب الأطفال الرضع في العمر ما بين الشهرالسادس وحتى التاسع، وقد تبدأ في الشهر العاشر عند بعض الرضع، وهي تعني التعلق الزائد بالأم والرغبة في البقاء إلى جوارها بأي طريقة، حيث تكتشف الأم أن طفلها الرضيع يريد منها أن تبقى معه فهو يرضع باستمرار ليس لأنه يشعر بالجوع، ولكنه يريد ان يشعر بالطمأنينة والدفء والحنان والأمان.
توقعي أن تزداد ظاهرة قلق الانفصال عند طفلك الرضيع، في حال كنت من الأمهات العاملات اللواتي يخرجن من البيت بالساعات، ويذهبن إلى عملهن ويتركن أطفالهن في رعاية الآخرين حتى لو من المقربين، وتدل هذه الظاهرة على تطور الوعي والإدراك النفسي لدى الرضيع، حيث يبدأ بالشعور بغياب الأم والفراغ الذي تتركه وخوفه من العالم الخارجي، وغالبًا ما يكون ذلك في عمر ثمانية أشهر على وجه الخصوص.
اهتمي بعلاج ظاهرة قلق الانفصال عند رضيعك قبل ان يبلغ السنة؛ لأنه في حال رفضت حمل طفلك الرضيع وتركته لكي يظل باكيًا، فسوف تصبح هذه الظاهرة مقلقة وتزداد سوءًا أكثر كلما كبر الرضيع، وتصيبه نوبات هلع عندما تتحركين أو تهمين بوضعه على سريره، أو حتى عندما يسمع صوت أحد أبواب البيت يفتح ويغلق، وسوف تجدين أن هناك صعوبة لديك في الاستمرار بحمل الطفل الرضيع بسبب زيادة وزنه، وسوف تعانين من الألم في كتفيك وظهرك، كما أن الطفل الذي لا يتجاوز قلق الانفصال مبكرًا فسوف يكون من الصعب عليه أن ينشأ معتمدًا على نفسه وواثقًا بها حين يكبر.
طرق التعامل مع ظاهرة قلق الانفصال عند رضيعك
تحدثي معه واستأذنيه قبل أن تغادري
قلق الانفصال
قلق الانفصال عند الطفل
لاحظي أن طفلك الرضيع يعرف أنك سوف تتركينه، ويبدأ في البكاء عندما تنتهين من إرضاعه مثلًا، ولذلك فيجب عليك ألا تقومي بتقليل عدد رضعاته حين يكبر قليلًا، وحين تجدين أنه يبكي حين تنهين إطعامه فهو يعرف أنك سوف تتركينه أيضًا، ولذلك قد تفكرين بأن تقليل عدد الرضعات والوجبات سوف يقلل من تعلقه بك، ولكن ذلك لا يحدث للاسف بل إن الأمر يزداد سوءًا، فالطفل سوف يرفض الرضاعة ويظل يبكي وسوف يرفض الطعام الصلب، وتبدأين في مواجهة مشكلة جديدة، وهي رفض الرضيع للطعام والإصرار والتعلق بالرضاعة أو رفض كليهما، والرضيع في عمر ما قبل السنة يكون ذكيًا وعنيدًا، ويجب على الأم عدم الاستهانة بذكائه، وكما يجب أن تحاول أن تغذي احتياجه لها وملاعبته وملاطفته والغناء له كلما استطاعت.
قومي بالحديث مع طفلك واربطي بينك وبينه وعدًا، واعلمي أنه يفهم، فأخبريه مثلًا أنك سوف تتركينه قليلًا وسوف تعودين بسرعة، ويجب ألا تخلفي وعدك ولا تطيلي المدة؛ لأنه حين يقبل أن تتركيه فسوف ينتظرك وسوف يظل نظره معلقًا بالباب مثلًا أو يلتفت نحو الهاتف حين يرن، ولذلك فيجب أن تكوني منضبطة معه ولا تحاولي ان تتناسيه وتعتقدين انه سوف ينشغل بأي شخص آخر، فسوف يظل يبكي وتبدأ ظاهرة “الزن” وسوف يكون بكاؤه مؤلمًا معبرًا عن احتياجه وربما أدى البكاء إلى نوبة هياج فيحتج ويضرب بيديه وساقيه، ويحاول أن يؤذي من حوله بشد شعرهم أو الخربشة بأظافره، فهو يريد أن يعبر عن حاجته لك بصور مختلفة لا يفهمها من حوله، ولكن حين تتحدثين معه بهدوء فسوف يفهم وينتظرك وحين تعودين دون تأخير فسوف يعتاد بالتدريج على غيابك.
لاعبيه الغميضة
أم تلاعب طفلها
علمي طفلك أن يلعب معك لعبة الغميضة في سن مبكرة وأصغر مما قد تتخيلين، وسوف يتجاوب معك، فهي من ألعاب الأطفال التي لا تنتهي ولا ترتبط بزمن، ويمكن أن يحدث ذلك في الشهور الأولى من عمره وقبل أن تبدأ أعراض متلازمة قلق الانفصال في الظهور عليه، حيث تساعد لعبة الغميضة على تعويد الطفل على أن الاشياء تختفي ثم تعود، ولذلك فأنت حين تضعين كفيك على وجهك وكأنك تختفين سوف تعاودين الكشف عن وجهك وسوف يضحك الطفل بعد أن يكون قد بدأ بالبكاء؛ لأنك قد عدت، وهكذا وبالتدريج سوف يتعود على غيابك، وأن هذا الغياب لن يكون مستمرًا بل إنك سوف تعودين لا محالة.
ايجاد شخص بديل
قومي باختيار شخص بديلًا عنك لكي يتقاسم معك مهمة العناية بالرضيع وحمله بصورة مستمرة وتدليله بعد الانتهاء من إرضاعه، ولكن يشترط أن يكون هذا الشخص من الأشخاص المقربين، فلا تختاري مثلًا العاملة المنزلية فهي تعد شخصًا غريبًا ولا يمكن أن تمنح الطفل مشاعر حقيقية مهما حاولت، كما أن بعض الأطفال قد يتعلقون بشكل غير صحيح ومرضي بالعاملات والمربيات، ولكن المطلوب مثلًا أن تتبادل الأم الدور مع الشخص البديل، ويفضل أن يكون الأب فهو الشخص الثاني المسؤول عن الطفل وعن كل ما يخصه، ويمكن أن تقسمي فترات رعاية الطفل بينك وبين الأب.
أخبري الأب بكل ما يخص الطفل مثل درجة حرارته والأمراض التي يعاني منها ومواعيد أدويته، وذلك لكي يستطيع التعامل معه جيدًا في غيابك، ويمكن أن يتحدث معه الأب ويلاعبه ويغني له كما تفعلين، وفترة غيابك سوف تكون فرصة لتوطيد العلاقة بين الطفل والأب، وتحويل جزء من المسؤولية إليه، وحيث أثبتت الدراسات أن الرضع يقبلون على تناول الطعام من الآباء أكثر من إقبالهم عليه من الأمهات، وسوف يكون ذلك فرصة لكي يتعود طفلك على الطعام التكميلي والبدء بمرحلة الفطام التدريجي.