المثقف / سجن “البرواقية” بولاية المدية : …وفجأة كصاعقة تنزل على بغتة من السماء جاء العسكر وفي عيونهم الشر يتطاير فتحوا الباب بقوة وبدأوا بالشتم والصراخ “بهلول هيا روح ولد الشيخ عيسى حتى نت الضابط حاب يلعب معاكم هاذ الليلة” وهذا أخر ما كنت أتوقعه أن يحدث هذه الليلة أخرجونا من الزنزانة ودفعونا دفعا أمامهم مع كم هائل من الشتائم والصفعات على الذقون وعلى الوجه حتى وصلنا إلى غرفة الضابط ونحن في غاية الهلع والخوف والإحساس بالدوار والإغماء من كثرة الصفعات التي تلقتها وجوهنا من زمرة العساكر دخلنا إلى الغرفة ونحن لا نعلم ما ينتظرنا داخل وكر الضباع هذا فصعقت بوجود معتقلين قد سبقونا إلى هنا كانت حالتهم يرثى لها عدة كدمات زرقاء وسوداء وحمراء متفرقة على أجسادهم والضابط ينشف يده بمنديل ويحتسي الفودكا خاصته أثار إنتباهي وجود رجل ضخم الجثة يجلس في مكان قريب من المكتبة وهو ينظر إلى رعبنا وهلعنا بتشف وبسادية دامية زاد من توترنا ومن كمية الخوف في قلوبنا أخد الضابط القاتل يحول نظره بيني وبين بهلول بنظرة شامتة وركز بصره على الشخص الأبكم بهلول وهو يقول بصرامة وحِدة أنت متهم بتشكيل حركة جهادية تقوم بالقتل والسرقة وزرع الفتنة في المواطنين ماذا تقول في هذا؟ نظر الشخص الأبكم ببلاهة للضابط وابتسم بسداجة ومد يده له لمصافحته إلا أن الضابط بادره بصفعة هائلة وهو يقول إما أنك شخص أبكم أبله بحق أو أنك أبرع ممثل في الجزائر وغمز بعينيه وهو يقول ولكن مع التعذيب والضرب المبرح سننظر هل أبله أبكم أم ستطلب مني العفو وتقر بإسم جدة جدتك من أمك….
تراجع بهلول إلى ركن الغرفة وانكمش في مكانه يرتعش وينتحب بالبكاء كطفل صغير فقد والديه ووجه الضابط نظره إلي وهو يقول عاضا على أسنانه وأنت متهم بأنك عضو نشيط في جماعة إرهابية تقوم بقتل الشرطة وتجنيد المواطنين وإجبارهم على خرق القانون أنظر إلى التهم الموجهة لنا وليس هناك تهم أصلا وإنما هو مجرد إشتباه أي مجرد تشابه وتخمين والظن ولم لا تقول بصحيح العبارة مجرد رمي الباطل على مواطنين هذه البلاد المغتصبة التي تعيش تحت صفيح ساخن مستعد للإنفجار في أي وقت فقلت له أنا يا سيدي لا أصلي حتى ولا صلة لي بهذه الجماعات المتطرفة أكيد أن هناك غلط ما ثم نلت حصتي من قبضة الضابط الهمجي وصرخ هائجا نحن نغلط هكذا إذا أتعلم يمكن أن يغلط أباك وينام مع إمرأة أخرى ويمكن أن تغلط أنت وتنضم لجماعة إرهابية ويمكن أن يغلط أخاك ويهرب مع إبنة خاله ثم امسكني من شعري وهو ينظر في عيني مباشرة وقال يا مخنث العسكر لا يغلط أبدا وهذا أول درس يلقنونه للشعب الجزائري وهو أن عصابة العسكر لا يأتيه الغلط أو الخطأ من أي مكان فهي طبقة مقدسة معصومة من الخطأ والغلط كلامها سيف على رقاب شعب الخرفان سيدي لقد فتشتني دورية الشرطة يومها ولم يجد عندي شيء يثير الشبهات أو أي دليل على إنتمائي لهذه الجماعات قلت مدافعا عن نفسي راميا أخر ورقة لي وأخر أمل داخل جهنم الدنيا هذه تأملني الضابط بعينين خارجتين وأخذ يقلب في ملف أظنه الملف الخاص بي وبرقت عيناه وهو يقول تقول أنهم لم يجدوا عندك سلاح يا إبن العاهرة؟ لقد وجدوا عندك أخطر سلاح وأفتكه فبسلاحك هذا يمكن أن تدمر جيل وتحيي جيل حتى يمكنك أن تزعزع أمن وإستقرار البلاد وأن تقتل ما شئت من سادتنا كبار الدولة بكل سهولة ما هذا السلاح الفتاك سيدي لم أكن أحمل أي سلاح معي أقسم لك بذلك قلت له مدافعا عن نفسي إزداد غضب هذا الرجل السادي وتوجه إلى مكتبه وأخرج من درجه قلم أجل هذا القلم ملكي كنت أحمله يوم إعتقلوني هذا القلم أكبر دليل على جريمتك…
تذكرت حينها أني كنت أكتب بعض المقالات أبدي رأيى فيه بوضوح وبكل صراحة عن الوضع الراهن بالبلاد وأناقش فيها مستقبل شباب الجزائر تحت حكم النظام الحالي في إحدى جرائد المعارضة القليلة وصفعة أخرى من يده الثقيلة أرجعتني إلى أرض الواقع وهذا المعتوه يصرخ قائلا أو تدري ماذا يمكنك أن تصنع بالقلم يمكنك أن تفقأ عين مواطن بريء أو أن تثقب رقبته بسهولة بل ويمكنك أن تدمر سيارة الشرطة بقلمك هذا وتكلم ضيفه الضخم الذي يشبه الغوريلا هذه الأيام يمكنهم صناعة القنابل من القلم فقط أه يا للعجب حكماء وعباقرة الجزائر يتكلمون الأن قلم واحد يمكن أن يصنع كل هذه الأشياء إذا كان الأمر هكذا لكانت الدول المتقدمة إكتفت بالأقلام فقط في حروبها ولم تكن لتعزز ترسانتها النووية بالأسلحة إذا لمجرد أني قلت رأيا مخالفا لسياسة النظام يقومون بتلفيق تهم الخيانة وتكوين جماعة إرهابية هدفها زعزعة إستقرار البلاد إذا لأنتظر الأسود ولا أتوقع أي خير من أبناء العاهرات هؤلاء سنقوم باللعب والعبث معكم قليلا قبل أن نقطع رؤوسكم من أكتافها فأنتم كالديدان الضارة في البلاد يجب القضاء عليها ثم جروا بهلول جر الكلاب من مكانه وألصقوه بي وبدأو يصبون علينا الماء صبا وكان الماء باردا جدا والضابط يقول إغتسلوا وتنضفوا قبل ملاقاة ملك الموت ثم جائوا بجهاز الصاعق الكهربائي وبدأوا يصعقوننا الواحد تلو الأخر والشخصان اللذان وجدناهما في أول دخولنا يشاركوننا التعذيب أيضا كانوا يضعون الصاعق على أجسادنا حتى نشم رائحة الشواء منها ثم يتركوننا برهة ويكررون العملية حتى سقط بهلول مغشيا عليه الأن إنتهى المزاح وسندخل للجد صرخ الضابط في عسكره ثم تابع قائلا أفيقوا هذا البهلول فلا أريده أن يموت وهو فاقد الوعي أريده أن يحس بسكرة الموت فالأوامر العليا تأمر بتصفية أي معارض أو مشتبه به يجب أن نستغل هذه الفرصة للقضاء على كل أعدائنا بضربة واحدة وفي خضم هذه الفوضى التي نمر بها أجابه الرجل الضخم دائما ما تكون أوامر السلطات العليا حكيمة فهي دائما تفكر في مصلحة الشعب وغمز صاحبه وهما يطلقان ضحكة شيطانية تردد صاحبها في المعتقل سنعدمهم رميا بالرصاص وأنا من سيطلق الرصاص عليهم قال الرجل الضخم وهو ينفخ أوداجه أجابه الضابط لك ما أردت بعدما أفاق بهلول قاموا برصنا في صف واحد أمام الضابط وضيفه وعصب الأخير عينيه بحيث لا يرى من يصيب وأخد مسدسه بين يديه وحشاه بأربعة رصاصات وتأكد من جاهزيته للإستعمال وقال هذي فخاطر الجنرالات وضغط الزناد بلا تردد…يتبع