….رأيت هذا المنظر وأنا لم أصدق نفسي أأضحك أم أغضب من فعل اللصين المهم أخدت قراري بسرعة فتحت باب الحقيبة الخلفية للسيارة وسحبت عصا “بيزبول” أخبأها لمثل هذه المواقف واندفعت لأساعد هذا الرجل الغامض والذي ظهر فجأة فاندفعت بتهور ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان فقد كان لقائنا الأول غريب وعجيب لقاء لا يليق أبدا باثنين من نفس البلد فقد كان لقاء مختلف تماما فأول ما تعرف مني ومنه على بعضهما هما قبضته الحديدية وفكي اللين …
فبعدما رأيته قابض على اللصين وهو مندمج في اعطائهما درسا قاسيا من اللكمات والركل أتيت أجري بسرعة فائقة لأساعد ابن بلدي وأنا ألوح بعصا “بيزبول” وأسبهم باللغة الروسية فما كان من ابن بلدي إلا أن إلتفت إلي بسرعة وسدد لي لكمة قوية عل فكي من تلك التي تشبه لكمات الملك محمد علي كلاي فسقطت في الشارع فاقدا للوعي …
فتحت عيني وإذا بي في سجن “البرواقية” بولاية المدية أحد أخطر سجون في بلاد ميكي وهو سجن معروف منذ عهد الاحتلال الفرنسي يرتبط اسم السجن بالكثير من المجازر حيث وضع المساجين فيه مأساويًّا حيث لا أكل ولا ماء ولا ضياء ولا أيّ شيء حيث يتم فيه قتل المعارضين وتقطيعهم وحرقهم وتمّ ردمهم في حفرة بمنطقة تاخابيت بين المدية والبرواقية…كنت مقيد اليدين والدم ينزف من فمي وأنفي ثم بدأت أسمع “ايه أنت واش يسموك” لم أرى صاحب الصوت من شدة الإضاءة المسلطة علي وتكررت الجملة في أدني ثلاث مرات وفي رابعة إنهالت معها صفعة على وجهي توقظ الاموات من القبور أجبت وأنا أتلعتم “رابح أسيدي رابح” ثم سمعت “واش راك تخدم” عاد صاحب الصوت يسألني مرة ثانية كنت احاول كسب الوقت لأستوعب ما حدث لي ولماذا أنا هنا لكن أثر الصفعة مازال حديثا على وجهي أجبت “مهندس بترول” ثم قال “واش راك كنت دير البارح بالليل” لم أكن أعرف مصدر الصوت ولكن كان علي أن أجيب بسرعة “كنت راجع من البيبيوتيك” رد علي صاحب الصوت “كاينة كاش بيبيوتيك تخدم مع 9 ليل يا لكلب راك تمسخر بينا على بالي حاب تلعبها مقxxد” ثم صفعني بقوة كأن صاعقة دربت وجهي أجب يا بن العاهرة ماذا كنت تعمل في الليل وأنت تعلم أن البلد في حالة طوارئ أجبت وأنا أكاد أن أموت من شدة الخوف والهلع وفي تلك اللحظة تذكرت ليالي بغداد الملاح وقلت مع نفسي لماذا رجعت لبلاد ميكي رغم ان الرئيس الراحل صدام حسين قال لنا من يريد ان يشتغل في العراق بلده الثاني على الراس والعين…وبينما أنا أصرح في خيالي سمعت صرخة كادت ان تتقب طبل ادني والضابط يقول يا بن العاهرة ليس عندنا وقت لأحلامك أجب أيها الشاذ وإلا قلعت خصيتك وأطعمتها للمساجين في العشاء أجب هنا لم أعرف ماذا سأقول وبدأ دماغي يشتغل بشكل جنوني فلم أجد إلا أن قلت وأنا أبلع ريقي بصعوبة كنت أقدم دروس الدعم لبعض أبناء الحي لم أفهم بدأت أسمع ضحكات ساخرة وقهقات كأنها تأتي من زمن أبا جهل “انت تعطي دروس لأبناء الحي قل يا شاذ كنت تمارس اللواط مع أبناء الحي فضحك الجميع ثم قال حسنا أيها الخائن إنتظر سترى معنا دروس وفنون لم تراها في حياتك ستتمنى انك لم تولد في الجزائر وهنا شعرت انه جرحني عميقا شكك في رجولتي ووطنيتي وأنا لدي فقدت اغلب افراد اسرتي في حرب التحرير وكنت اشرب حب الجزائر من لبن امي ومن قصصها عن بطولات ابي واجدادي هنا جمعت كل ما تبقى من تاريخ اسرتي وكل ما تبقى من قوتي ووقفت منتصب القامة وقلت له بصوت جهوري “اسمع يا فلان انا اسرتي كلها من الشهداء ومن المقاومين هنا ارتفعت الضحكات في القاعة وزادت الشتائم الساخرة فقال احدهم انت يا ابن العاهرة من عائلة الشهداء هذا واضح جدا انت من ابناء الشهداء ونحن من ابناء الحركي هذا ما كنت تريد ان تقوله اليس كذلك وهنا بصق الوغد على وجهي وجدب شعري وقال لي بما انك حقا ابن الشهداء وجب تكريمك انا هنا لحسن نيتي صدقته فقال هيا اجلس على الارض وقال ارفع يديك لكي تأخذ جائزتك هنا رفعت يدي على شكل الذي تكون فيه اليد عند الدعاء وقال الضابط لأصدقائه تعالوا يا رفاق لنكرم ابن الشهداء فوقف الجميع على شكل دائرة وانا وسطها هنا قال احدهم “رفع راسك يا با انت جزايري ولد شهداء” وهنا رفعت رأسي فقام الجميع بالتبول علي فبدأت بالصراخ يا لكلاب يا ولاد فرنسا قتلوني يا ولاد العاهرات قتلوني صراحة لقد قتلت في تلك اللحظة قتلت كرامتي قتلت نخوتي تمنيت ان اموت وهنا صمعت صوت غليظ يقول “بركانا من لعب صغار” وهنا اغمي علي…
فتحت عيني ببطئ وأنا اشعر بأن فكي أصبح ثقيل جدا وصرخت “قتلوني قتلوني يا ولاد فرنسا” هنا سمعت ضحكة عالية ووجه الرجل الضخم الذي كان يضرب اللصين ينظر الي ويبتسم ثم قال لي “ما تخافش يا بن عمي راك غاية” سألته ماذا حدث أجابني طوال الليل وأنت تهدي وترتعش كأنك كنت تعيش في كابوس مرعب هنا مرت دقائق وأنا أحاول أن أستوعب الموقف وفي أي مكان أنا بالضبط…ثم بدأت الغشاوة تتلاشى عن عيني الحمد لله انا في روسيا وهذا ما كان الا كابوس من ذكريات العشرية السوداء فأنا الأن نائم في سرير من الحرير في بيت فاخر والرجل الضخم يجلس امامي ثم نظر الي وهو يبتسم وقال اعتذر على ما حصل البارحة نظرت اليه باستغراب وقلت له ماذا حصل البارحة فقال البارحة اثناء العراك كنت تحاول مساعدتي لكن رأيتك تأتي جنونية وانت تحمل عصا “بيزبول” فظننتك منهم فأجبته لا عليك المهم اني لم امت من اللكمة او افقد الذاكرة فضحك كثيرا وقال “يا بن عمي دوختني راك تشبهم ليهم ” فقلت له وكيف عرفت اني جزائري إلتفت الي بسرعة وقال المصحف فقلت في نفسي والشك يساورني كيف المصحف انقدني منك هنا توجه الى علاقة الملابس ومد يده الى سترتي وهنا كانت المفاجئة…يتبع