من المرجح أن يشعل القرار الأخير للحكومة لإصلاح نظام التقاعد الجبهة غضب الجبهة الاشتراكية حال العودة الاشتراكية القادمة.ويتعلق الامر بمشروع قانون جديد لتعديل قانون 97-13 المؤسس للتقاعد بغض النظر عن العمر، التي أعلن عنها رئيس الوزراء. هذا، وقد اتخذ هذا القرار في الثلاثية الأخيرة التي ضمت الحكومة وأرباب العمل والاتحاد العام للعمال الجزائريين، لوضع حد لنظام التقاعد المبكر وإعادة سن التقاعد إلى 60 عاما. بالنسبة للحكومة، يتعلق الأمر بالحد من العجز المزمن في صناديق التقاعد. أما بالنسبة لنقابات العمال في كافة القطاعات التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين أو المستقلة، يعد هذا القراركارثة ارتكبتها الحكومة دون أي تشاور معهم، أو أي نقاش مسبق. تطالب هذه النقابات هذه النقابات،بسحب الحكومة لهذا المشروع الإصلاحي لأنهم يعتقدون أنه يشكل تحديا للمكاسب الاجتماعية التي انتزعتها النقابات على مدى العقدين الماضيين و التي كلفتها الكثير. هذا الإجراء الذي يقضي بإلغاء التقاعد المبكر، ومن المرجح أن يثير حفيظة العمال الذين يمارسون أنشطة مضنية، بما في ذلك إنتاج المعادن والنفط والغاز وقطاع البناء والتشييد .و قد انتقدت النقابات في هذه القطاعات، استخفاف الحكومة في اتخاذ قرارها. فبالنسبة لهم، كان يجب على هذه الأخيرة مراعاة الظروف الصعبة التي يعمل في ظلها العمال.
الى جانب ذلك، وبعد اتخاذ هذا القرار الذي ينص على جعل سن التقاعد 60 عاما وإلغاء التقاعد المبكر،خرج العمال في أجزاء عديدة من البلاد، من ضمنها المناطق الصناعية لرويبة و رغاية ، حاسي الرمل وحاسي مسعود، خرجوا إلى الشوارع محتجين ومعبرين عن رفضهم للقرار الذي اتخذ خلال الثلاثية. بعد هذا الاحتجاج مباشرة، تجمع عمال الشركة الوطنية للعربات الصناعية داخل شركتهم في الجزائر العاصمة، لمعارضة إلغاء التقاعد المبكر بقوة.
النقابات تهدد
في هذا الاطار، اتهمت العديد من المنظمات التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين، كاتحاد عمال سوناطراك الاتحاد بجهله لطبيعة أنشطتها ومدى المخاطر التي تتكبدها في اأداء مهامهما. الانتقادات نفسها صدرت عن النقابات العمالية في قطاع التعليم، والتي تحتج هي الأخرى بقوة ضد قرار الحكومة هذا ” لن نتخلى عن هذا المكتسب بأي حال من الأحوال ” أعلنوا مهددين و محتجين، أيضا عن إلغاء التقاعد النسبي.
و بدلا من أي يهدئ رئيس الوزراء الجبهة الاشتراكية المضطربة بعد قراراته الأخيرة، زادها اضطرابا، وليس أي اضطراب يستهان به. اذ أنه أعلن بنفسه الأسبوع الماضي،عن تجميد الزيادة في الأجور للسنوات المقبلة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية.
بعد هذا الإعلان، خرجت مختلف النقابات خاصة نقابات التعليم والصحة و الخدمات للدفاع على مكتسباتها و الاحتجاج بقوة على القرار الأخير للحكومة. “إن الزيادة في الأجورتمشي بالموازاة مع تحسين حياة المواطنين. وعند المس بها فهم يمسون بالقدرة الشرائية للمواطنين “هكذا عبرت النقابات عن سخطها مضيفة أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة “من المرجح أن تقود البلاد إلى الخراب”.
وعلاوة على ذلك، فإن مختلف النقابات وخاصة التعليم والصحة والخدمات العامةسواء التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين أو المستقلة، تخوض في حوار دائم للوصول إلى خطة عمل مشتركة للبدء في تفعيلها ابتداء من الموسم الاشتراكي المقبل. تحقيقا لهذه الغاية، فإنها تناشد جميع النقابات كيفما كانت لتشكيل كتلة نقابية، بغرض البدء في إجراءات الاحتجاج حتى ترجع الحكومة عن آخر قراراتها. بالنسبة لهذه النقابات، وللمواطنين على حد سواء، فإنه لا يمكن أبدا أن يتحملوا عواقب الأزمة الاقتصادية بدل الحكومة. “يجب عليهم أن يدفعوا ثمن عدم كفاءتهم في إدارة الاقتصاد الوطني، وأن يتحملوا مسؤولية أي فضائح فساد وإهدار المال العام في السنوات الأخيرة،” هكذا أدانوا الوضع القائم .
مع ذلك، فإنه من الجدير معرفة رد فعل من الحكومة.أمام ما يحدث. فاذا استجابت لمطالب العمال من جهة لن تتوفر على الموارد المالية اللازمة و من جهة أخرى إذا استمرت في نهجها، فمن المرجح أن تواجها قنبلة اجتماعية قد تؤدي إلى سقوطها.