تطرقت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير لها لتعليق سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني استقالته وعودته للبنان ولقائه لميشيل عون الرئيس الحالي.
وأفادت الصحيفة في تقرير لها :”تعليق رئيس الوزراء اللبناني استقالته أمر تجميلي فقط، مشيرة إلى فيلم فيديو معروض في متحف سرسق في بيروت، ويظهر فيه الفنان السوري هرير سركسيان، الذي يقوم فيه بتدمير بيت طفولته في مدينة دمشق، حيث أجبر على المنفى بسبب الحرب، وفقد كل شيء، ويظهر سركسيان في الفيديو وهو يقوم بضرب مجسم لبيته مرة تلو الأخرى”، معلقة :” فعله هو عمل عبثي مطلق، لكن بصفته ناجيا من الحرب فلم يبق أمامه أي شيء سوى التعبير عن السيطرة والقدرة في عالم لم يعد يملك فيه أي منهما، ويعبر عمل سركسيان عن الحالة اللبنانية ذاتها؛ ليس لأن لبنان استقبل أكثر من مليون لاجئ سوري ولا يزال يعاني من جراح الحرب الأهلية، التي استمرت 15 عاما، لكن لعدم مناعة لبنان ذاته، حيث شعر اللبنانيون على مدار الأسابيع الماضية أن بلدهم أصبح مستهدفا مرة أخرى”.
وتابعت “الغارديان” :” استقالة الحريري المفاجئة في 4 نوفمبر، التي جاءت من السعودية، متهما فيها حزب الله بممارسة تأثير على البلد، لافتة إلى أن مقربين من الحريري أكدوا أن السعوديين أجبروه على الاستقالة واعتقلوه”، لافتة :”الحكومة اللبنانية اتخذت ثلاث خطوات غير مسبوقة: أولا اتحدت، وثانيا طالبت بعودة الحريري، وثالثا اتهمت السعودية باحتجاز الحريري رغم إرادته، وقامت الحكومة اللبنانية بحملة لم تكن ظاهرة، وهي بناء ضغط دولي من أجل الإفراج عن الحريري، الذي عاد ليلة الثلاثاء، للمشاركة في احتفالات يوم الاستقلال اللبناني، وأعلن أنه سيتريث في تقديم استقالته، ما يؤكد النظرية القائلة بأنه أجبر عليها”.
وأكد التقرير البريطاني :”من الناحية العادية، فإنه يجب أن يكون السؤال هو كيف تقوم دولة باحتجاز رئيس حكومة دولة أخرى رهينة؟ لكن هذا السؤال لا يصلح للبنان، خاصة أن سيادة حدوده وسياسته دائما ما تم انتهاكها، وبشكل مستمر، وحذر السعوديون من أن مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية هي (إعلان حرب) ليس ضد لبنان ولكن ضد المملكة، وعادة فإن هذا غير منطقي، لكن السعوديين يفهمون أن المنطق والقانون الدولي لا ينطبقان على طريقة معاملة لبنان”، مشددا :” في ضوء التحليل المهين والسطحي حول حرب الوكالة بين إيران والسعودية والسنة والشيعة، فإن المسكوت عنه هو لبنان ذاته، وكيف يكافح شعبه مرة أخرى خطر التهديد بالعدوان والعنف والغزو من قوى خارجية، حيث نجا اللبنانيون، مثل جيرانهم السوريين، من سلسلة من الحروب والرعب، لكن الحرب والتوغلات الحدودية المستمرة هي أمر لا يستطيع اللبنانيون الحديث عنه، وأشك أنه بالإضافة إلى الصدمة الموروثة من الحرب فإن هناك شعورا بين اللبنانيين يعبر عنه بوضوح صورة لشعار غرافيتي كتب على بيت القناصة في بيت بيروت: (أريد قول الحقيقة فروحي تدنست)”.
وأوضحت “الغارديان” :” عودة الحريري إلى لبنان تغير فقط رؤية الوضع، فهو ليس رجلا حرا، حيث أصبحت شركة الإنشاأت التي يملكها في السعودية مفلسة، ولا تزال عائلته تعيش في السعودية، بالإضافة إلى أن عودة الحريري إلى الحكومة لا تعني أنه سيؤدي دورا محوريا في جهود السعوديين للسيطرة على لبنان، وقد يعثرون على رجل آخر ليحل محله ويقدم تنازلات، خاصة أن المملكة تمارس سياسة متشددة”، مستطردة :” أي خطاب يهدد بالحرب يخرج من الرياض مثير للخوف، خاصة أن المملكة تجاوزت الحدود الأخلاقية والقانونية، ففي الوقت الحالي يتزايد مجمل القتلى في اليمن، الذي تقود فيه السعودية تحالفا ضد الحوثيين، وأدى الحصار على البلاد إلى وضع 7 ملايين أمام خطر المجاعة ووباء الكوليرا المدمر، ما يجعل الحصار غير قانوني”.