أمام التنامي المتزايد لأشكال متعددة لظاهرة الجريمة، تستوقفنا عدة أسئلة ملحة: هل العقاب كفيل بالحد من الجريمة؟ أليس رغم وجود السجون و صدور العقوبات القاسية إلا أن الجريمة في ارتفاع رهيب؟ أليس ممكنا التفكير في طرق أخرى غير المقاربة العقابية؟
الكل مسؤول عن ارتفاع و تطور الجريمة من دولة و أسرة و إعلام و سياسة و مجتمع مدني و مدرسة و المجتمع بتعدد أطيافه، لكن كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة التي تنخر المجتمع؟ أليس ممكنا إدخال برامج دينية و نفسية و اجتماعية للسجون للحد من ظاهرة الجريمة؟
فالسجين الذي ارتكب جريمة يجد نفسه بين القضبان يقضي عقوبة حكمت بها محاكمنا، لكن هل بمقدور السجن كفضاء عقابي أن يؤهل هذا السجين حتى لا يعود مجددا إلى السجن من خلال ارتكاب جرائم أخرى؟
أسئلة كثيرة تطرحها ظاهرة الجريمة و معالجتها تقتضي عدة زوايا للنظر و التحليل و التشريح للخروج بنتائج تساعدنا على الفهم و لكن لا تساعدنا على التصدي لهذه الظاهرة التي استفحلت بشكل رهيب يهدد أمن الوطن و المواطن، سنحاول مقاربة التصدي للجريمة من زاوية دينية و نفسية و اجتماعية.
يجب التفكير الجدي في الاستعانة بالبرامج الدينية من أجل إعادة التربية الدينية كمكون أساسي في شخصية السجين من خلال تعريفه بالأخلاق الإسلامية و زرع القيم الإسلامية في نفوس السجناء طيلة المدة السجنية التي يقضيها السجين في السجن.
و من هذه البرامج التي يجب إدخالها إلى سجوننا و تكون إجبارية لكل السجناء برامج حفظ القرآن الكريم، و برامج التربية الإسلامية من أخلاق و معاملات، إلى جانب التأهيل الديني من خلال استدعاء رجال الدين و التربية للإشراف على هذه العمليات.
أما من الناحية النفسية يجب إجراء دراسات نفسية لكل سجين لمعرفة بنيته النفسية و طبائعه و سلوكاته من أجل تقديم علاج نفسي لأمراضه النفسية التي تكون أحد الأسباب لارتكاب الجريمة.
فيما المقاربة الاجتماعية تقتضي مرافقة السجين و معرفة ظروفه الاجتماعية و الوسط الذي يعيش فيه و أسباب قدومه على ارتكاب الجريمة.
فإذا استطعنا الاشتغال على الجانب الديني و النفسي و الاجتماعي سنكون قد غيرنا من مفهوم السجن كفضاء عقابي إلى فضاء لأعادة التربية و التأهيل الديني و الاجتماعي و النفسي، إذا أضفنا إليه التأهيل العلمي و المعرفي و المهني، حتى يسهل على السجين عندما يخرج من السجن الاندماج الطبيعي في المجتمع و يبرز قدراته الخيرة ليكون إنسانا صالحا لأسرته و مجتمعه و وطنه.