إن حجم التغيرات الاجتماعية والقيمية التي طرأت في الآونة الأخيرة على مجتمعنا وخاصة سيادة نزعة الفردية حتى على نطاق الأسرة الواحدة ساهم في انحصار كثير من القيم الطيبة التي كانت سائدة في الماضي والتي كان من بينها العلاقة بين الجيران والتي كان يحكمها الوئام والترابط والتكافل.
ففي الماضي العلاقة بين الجيران كانت تكسوها مشاعر الترابط والتراحم فكان الجار بالنسبة لجاره بمثابة الأخ يشاركه في أفراحه ويواسيه في أحزانه وكانت لوالدتي جارة تتميز بالطيبة الزائدة حيث كانتا تشاركان الأعمال المنزلية ورعاية الأبناء وكانت الأعياد والمواسم لها طعم خاص بين الجيران وكان أكثر ما يميز العلاقة بين الجيران في مجتمعنا هو الوئام والترابط والتعاون و كان هناك قدر كبير من التعاون والتعارف بين الجيران فيما تحولت هذه العلاقة بمرور الوقت إلى القطيعة والخصام والنزاع الذي بلغ ببعض الجيران للاختصام أمام ساحات المحاكم فلماذا وصلت العلاقة بين الجيران إلى هذا الحال. حتى أصبح كل جار يرغب في عدم الاختلاط بجاره وهذا فضلاً عمّا يحدث من مشاحنات بسبب رمي الأزبال او بسبب نزاع الاطفال.
العلاقة الكبيرة التي كانت بين الجيران اختفت الآن إلى حد كبير حيث أصبح كل جار يؤثر الانغلاق على نفسه ولا يرغب في مجرد التعرف على جيرانه. و هذا الأمر كان له مردود مختلف بين الأجيال الصغيرة في الماضي والحاضر حيث كان في الماضي تزرع في الطفل قيم اجتماعية هامة مثل التعاون والتكافل فيما اختلف الأمر الآن بسبب سيادة نزعة الفردية ما يحرم الأطفال من هذه القيم الجميلة وهذا الحرمان أعطانا جيل أناني بامتياز.
والغريب اصبح كل جار يكره جاره بدون سبب حتى اصبحنا في زمن تحية السلام انعدمت بين الجيران.