اصبح الاحتفال باليلة رأس السنة عادة ضرورية عند معدم الجزائريين ففي الوقت الذي تحتفل فيه الأسر الفقيرة على طريقتها الخاصة من خلال شراء قطعة حلوى وتقاسمها لتوديع سنة واستقبال أخرى قد لا تختلف عن سابقتها تلجأ الفئات الميسورة إلى حجز غرف بفنادق بعض الدول الأروبية أو قضاء الليلة في ملاه ومطاعم من صنف 5 نجوم يصل فيها سعر قنينة «الشامبانيا» إلى 80 الف دينار وإلى جانب هؤلاء هناك فئة تعتبر نفسها غير معنية وتلج منازلها مبكرا وفئة أخرى تستغل هذه الفرصة لتوديع السنة من خلال تحويل الشارع العام إلى حلبة للملاكمة والصراخ وإراقة الدماء.
الساعة تشير إلى منتصف الليل في أحد الأحياء الشعبية الموجودة بالعاصمة شبان يترنحون وفي أيديهم قنينات خمر قبل أن ينشب بينهم نزاع تنافسوا خلاله على شق دماغ السكان بالصراخ لينتقلوا بعد ذلك إلى استعراض مهاراتهم في فنون القتال والنزاع كان 4 حبات من حبوب الهلوسة سرقت من أحدهم نفس الصورة تتكررت بجميع الاحياء الشعبية حيث تتحول الحدائق العمومية الموجودة بالعاصمة إلى فضاء للعربدة من طرف بعض المنحرفين الذين يودعون رأس السنة بطريقتهم الخاصة حيث لا يحلو لهم أن يمر اليوم الأخير من السنة دون أن يروا لون الدم ولو كان ذلك على حساب مواطنين أبرياء أحد المخمورين يبدو أن له حسابات كثيرة أراد تصفيتها مع سكان الحي لذا فرد ذراعيه ورفع رأسه للسماء وهو يصرخ ثم أخرج قنينة من سترته شرب منها بطريقة عصبية ومسح فمه ليشرع مجددا في إطراب سكان الحي بالكلمات النابية…. حراس الملاهي بوهران يشهرون الورقة الحمراء في وجه المتطفلين العشرات من بائعات الهوى المحترفات وحتى المومسات غير المصنفات المنتشرات في محيط الملاهي حرصن على الاستعداد لرأس السنة بما يلزم على أمل كسب زبون سخي يكون فألا حسنا عليهن ويطرد نحس السنة الماضية فهذه الليلة استثنائية لذا لا خوف من سد أبواب الرزق في وجوههن عدد من الحانات والعلب الليلية الموجودة بالعاصمة فضلت إغلاق أبوابها خلال هذه الليلة لعلمها بأن ربح ليلة قد يقود إلى خسارة كبيرة بسبب إفراط بعض الزبناء في شرب الكحول وهو ما يؤدي أحيانا إلى نشوب صراعات دامية داخل المحل قد تفضي إلى جريمة قتل كما حدث في السنوات الماضية في حين لجأت محلات أخرى إلى مضاعفة الثمن ثلاث مرات ووضع فيلق من الحراس اصحاب العضلات المفتولة المزودين بأجهزة لكشف المعادن أمام البوابات لتنظيم حركة الزبناء وطرد كل من تظهر عليه علامات سكر واضحة بإحدى الملاهي قذف «حارس الملهى» بشاب خارج الباب ليرتطم بسيارة متوقفة قبل أن يعود ويخرج آخر كما لو كان يتخلص من قمامة وهو يتفوه بكلام ساقط ثم سرعان ما غير لهجته وهو يستقبل زبونا كان برفقة شابة ترتدي لباسا خفيفا رغم الجو البارد بالداخل ليس هناك شخص يمكنه تذكر اسمه بسهولة فالجميع «خارج التغطية» للاحتفال برأس السنةينهض أحد رواد الملهى ليرقص لكن قدميه لا تسعفانه ليقع وتساعده صديقته على النهوض وهو يسبها فيما المطرب يرفع صوته بأغنية «البابور لجابني ينعل والديه »…. رجال الأمن في مواجهة عربدة المحتفلين أحد ضباط الشرطة الذي كلف بمهمة تسيير دورية خلال ليلة رأس السنة بدا عليه غضب واضح وإرهاق شديد….
في الجانب الاخر عدد كبير من الجزائريين حرصوا على ولوج منازلهم مبكرا خلال ليلة رأس السنة لأنهم يعلمون بأن عينة خاصة من الكائنات الليلية ستحتل الشوارع فيما فضل آخرون ركوب وسائل النقل العمومية وتفادي السياقة التي قد تقود إلى حوادث سير خطيرة بسبب بعض المتهورين الذين يحلو لهم ممارسة سباقات «الفورميلا وان» كشكل من أشكال الاحتفال.