ان مبالغة وسائل الإعلام في استخدام مفردة العانس ويبالغون في إطلاقها على الفتاة التي تقترب من سن الثلاثين وما زالت لم تتزوج. حتى يصبح اسم عانس مرافقا وجزءا من اسمها وربما يحل مكان اسم العائلة ان الوقع الثقيل للفظة العانس بما يسببه من إحباط وكسر لرايات الأمل للفتاة لا يستثني نساء ناجحات وعاملات يعتبرن الزواج مسألة اختيارية ويحرصن في الوقت نفسه على دقة الاختيار ولا يشرعن في فتح باب القبول لأي شخص تقدم لهن لمجرد تجاوزهن سن الثلاثين .
اضافة الى اكثر شيء يستفز النساء أن المجتمع ينتصر لذكوريته فيسقط اللقب عن الرجل رغم أنه يشمل في اللغة العربية الذكور كما الإناث اللواتي تتشابه أحوالهن مع الرجال الذين يصلون إلى سن الزواج من دون أن يستطيعوا الارتباط لعدم العثور على الشريك المناسب مع فارق أنه يحتفظ بلقب ملطف هو عازب .
وقد عرفت ظاهرة العنوسة بالجزائر ارتفاعا ملحوظا حيث أصبح الكثير من الشباب يعزفون عن الزواج كما لم تعد هذه الظاهرة تقتصر على فئة اجتماعية معينة بل طالت جميع فئات المجتمع الجزائري. ومع اتساع دائرة العنوسة تغيرت نظرة المجتمع الجزائري لها حيث انتقلت من مصدر قلق لدى الأسرة على أمر عادي وهذا راجع إلى عدة أسباب من بينها ان المرأة اصبحت تتحمل المسؤولية والنظر إلى الزوج كأنه يقيد حريتهم وكذلك ارتفاع تكاليف الزواج. وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة العنوسة بالجزائر تضاعفت بنسبة 3.4 في المائة لدى الرجال و 5.7 في المائة لدى النساء ومن بينهم نساء عاديات دون مستوى دراسي ينتظرون أن يلتقين بالزوج المناسب لهن،أما فئة النساء المثقفات يفضلن أن يبقين عازبات على أن يخضعن للزواج لكي لا تقيد حريتهم أو يفشل زواجهم وينتهي بالطلاق.
وفسر الباحثون ارتفاع الظاهرة الى سببين الاول هو الطلاق وانفتاح على الغرب :
ان الانفتاح الثقافي الكبير على الغرب وتغيّر نظرة الشباب لمؤسسة الزواج نتيجة تزايد العلاقات الجنسية قبل الزواج وارتفاع نسبة الطلاق في البلاد التي جعلت الشباب ألا يفكر في تجربة نتيجتها فاشلة ولماذا يتزوج بينما هو في كل مرة مع بنت لا تشبه الاخرى . وما اكد هدا الكلام هو ما تشير اليه بعض الدراسات المحلية إلى أن أكثر من 60 آلف حالة طلاق سنويا وتؤكد أن المشاكل الاجتماعية والمادية والتباعد الثقافي بين الزوجين تتسبب بأكثر من نصف حالات الطلاق.
السبب الثاني دخول النساء الى عالم الشغل وارتفاع تكاليف الزواج :
ان غالبية الفتيات اليوم يرغبن بمتابعة التحصيل العلمي حتى مستويات مرتفعة (دكتوراه) وبعد الدراسة ينفقن سنوات من عمرهن في البحث عن وظيفة مناسبة قبل التفكير بالزواج كما أن الشاب أصبح يبحث عن فتاة عاملة للمساعدة لاحقا في تأمين نفقات الأسرة ألكثيرة . كما أن ارتفاع تكاليف الزواج في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد يدفع نسبة كبيرة من الشباب إلى الهجرة للبلدان الأوروبية حيث يتزوجون من فتيات أجنبيات على اعتبار أن إجراءات الزواج هناك بسيطة ولا تحتاج إلى نفقات كبيرة.
عندما ابتعدنا عن الفكر الروحي وأصبحنا نقيس بعضنا ونختار بعضنا حسب معايير مادية اتجه المجتمع الى هاوية .