ان من الاسباب التي تجعلنا نفكر في الهجرة الجماعية هي طبيعة النظام السياسي والاقتصادي السائد في بلد فالنّظام الجائر لا يشعر فيه المواطن بالأمن والاطمئنان إلى عدالة تحميه من الظلم والتعسف. ويستفحل الأمر إذا تضاعف العامل السياسي بعامل اقتصادي يتمثل في انفراد الحكم وأذياله بالثروة بالطرق غير مشروعة نتيجة استشراء الفساد والمحسوبية فيتعاضد الاستبداد السياسي بالاستبداد الاقتصادي والاجتماعي وهي من الحالات التي تتسبب في اتساع رقعة الفقر حتى عندما يكون البلد زاخرا بالثروات الطبيعية كما حدث ويحدث في بلدنا.
ان السكيزوفرينيا التي يعيشها المواطن الجزائري بين ما يراه في التلفاز وما يسمعه في الاذاعات وما يقرأه في الصحف الصفراء الورقية والالكترونية ويقارنه بما يعيشه في الواقع تجعله يكون معرض للإصابة بالجنون في اي وقت ويكون عنده خيارين فقط اما الانتحار او الهجرة . فكيف يعقل ان المواطن الجزائري يسمع ويرى في الاعلام ان البلد فيها خيرات كثيرة وان عندها فائض في الانتاج تصدره الى أوروبا و روسيا وعندما يخرج ليشتري بعض الخضار يظن مع نفسه انه يريد ان يشتري مسي وليس البطاطس لثمنها الغالي . فكيف يعقل ان يرى مواطن جزائري في نشرة الاخبار ان نسبة البطالة قد انخفضت وان الدولة دشنت مشاريع عملاقة لتشغيل مئات ألاف من الشباب في حين يلتفت يمينه يجد ولده مصطفى 32 عام عنده الإجازة في الاقتصاد وعاطل عن العمل وبالقرب من مصطفى يوجد اخوه حمزة 27 سنة عنده دبلوم في الاعلاميات و عاطل عن العمل و في المطبخ توجد بنته فاطمة عندها دبلوم سكرتارية و عاطلة عن العمل . فيرفع الاب المسكين يده الى اعلى ويضربها مع الطاولة بقوة ويقول مع نفسه واش انا برك في الجزائر ولا اوزبكستان . فكيف يا مسؤولين تريدون منا ان نتق في المستقبل الذي وعدتمونا به فحتى الاطفال اصبحوا بسهولة يكتشفون كذبكم .
ان الشعور الذي ينتاب جميع المواطنين الجزائريين اتجاه بلدهم بانعدام افاق المستقبل وضبابية صورة الحاضر وان اقتصاد البلد يسير الى الهاوية بسبب انخفاض اسعار النفط والفساد الذي ينخر جميع المجالات . جعلت المواطن يفكر في الهجرة كأقرب حل منطقي بالنسبة له .وحتى المواطن الجزائري الذي رجع من الغربة الى بلد ليستثمر امواله ندم على اليوم الذي فكر ان يرجع فيه وتجده مسكين في اي مكان يكون فيه يغني لوحده البابور لجابني ينعل والديه …..