نطقت محكمة معسكر، يوم الثلاثاء، بالحكم على المدعو “م . ع” البالغ من العمر 43 سنة، بـ 3 سنوات سجنا نافذا، على خلفية محاولته رمي ابنه ذي 7 سنوات من الطابق الرابع لعمارة تقع بالمنطقة الثامنة بعاصمة الولاية.
وهو الحكم الذي التمسته النيابة خلال المحاكمة بعدما وجهت له تهمة الضرب والجرح العمدي وتعريض حياة قاصر للخطر تطبيقا لنص المادة 330 من قانون العقوبات.
و قد توجهت الأنظار صباح الثلاثاء، إلى مقر محكمة معسكر حيث كانت تجرى محاكمة الكهل الذي حاول قبل حوالي ثلاثة أسابيع رمي ابنه “هشام” من شرفة الشقة التي يقطنها بالطابق الرابع لعمارة. وظل المتهم معترفا أثناء المحاكمة بجرمه في حق ابنه وقال إنه فعل ذلك من أجل ردع زوجته والضغط عليها من أجل الرجوع للبيت الزوجية بعدما غادرتها إثر خلاف وقع بينهما.
و كانت الحادثة قد أزاحت الستار عن الكثير من الممارسات التي كان يتعرض لها الولد من دون سبب وصلت لحد التعذيب كالكي بالسيجارة والخنجر الساخن والضرب المبرح والطرد ليلا من المسكن وإرغامه على الخروج في ساعة متأخرة من الليل من أجل البحث عن بقايا السجائر بل أكثر من ذلك حمله على مرافقته إلى مواقع جبلية وشعاب وأماكن معزولة وتركه هناك عرضة للخطر.
وقد بدت آثار التعذيب على بعض أنحاء جسم الطفل هشام مثل كيات السجائر التي برزت في أسفل الرجل. وحاول المتهم إقناع المحكمة بأن عمله كان للضغط على زوجته من أجل العودة لبيتها بتعذيب ابنها غير أن ذلك لم يثن المحكمة عن تشديد العقوبة ضده خاصة وأنه مسبوق قضائيا في قضايا مماثلة وولج السجن من أجلها.
وقالت والدة الطفل للشروق، إنها كانت ترى ابنها يتعذب على يد والده غير أنه ليس في استطاعتها عمل شيء في ظل تهديداته وقد كانت آخر مرة قد رشها بالبنزين محاولات حرقها ما دفعها للهروب من بطشه مخلفة ابنها وراءها في حضنه يتعذب اعتبارا من أنه لا ملجأ لها بعد هروبها منه وقد التحقت بالشارع لأيام قبل احتضانها من قبل عائلة لفترة مؤقتة. وقال محامي الطفل الأستاذ جيلالي كروش للشروق إنه اجتهد في الدفاع عن الولد لما رأى فيه من حال سيئة وحاول إقناع المحكمة بالوضع الذي هو فيه وقال إن المتهم ظل يكرر تبريراته لأفعاله وطالب المحكمة بتعويضات عن الضرر المعنوي وتعويضات عن الضرر المادي مع مساندة النيابة في التماساتها ضده.
و يعيش الطفل حالة نفسية مزرية للغاية، حيث كثيرا ما يغوص في تفكير مجهول ويبكي عندما يتحسس بكلام يدور حوله قد يفصله عن والدته. وقالت الطبيبة النفسانية حليمة عومر للشروق “إن الطفل يحتاج لإرجاع الثقة إليه بمنحه عنصر الأمان وتقريبه لكل ما هو محبذ لديه”، مضيفة أن العنف النابع عن والده وهو أقرب شخص إليه يعد بمثابة انتقام لشخصه، حيث إن ذلك حسبها رد فعل عن نفس الممارسات التي يكون قد تعرض لها هو كذلك في صغره.
و تعيش الأم المعاقة حركيا وابنها المفجوع حالة نفسية واجتماعية صعبة للغاية، حيث إن الشارع كان مصيرهما بعدما غادرا الشقة السكنية التي كانت حاضنة للكوابيس التي عاشاها طيلة حياتهما مع المتهم، اعتبارا من أنها تابعة للورثة ولا يمكنهما استغلالها بعد دخول الزوج السجن. فهما يقضيان أياما لدى عائلة معسكرية لوقت مؤقت في انتظار حل نهائي لهما يخلصهما من المعيشية التي هما فيها الآن أضف إلى ذلك أن الطفل غادر مقاعد الدراسة منذ اليوم الثالث الذي أعقب الدخول المدرسي أي أن هشام التحق بمقاعد الدراسة بقسم الرابعة ابتدائي لمدة ثلاثة أيام في هذا الموسم ثم انقطع تحت قهر والد كان يفترض أن يوفر الأمن لابنه وزوجته.