من أجل ضمان حماية أصناف من الحيوانات المهددة بالانقراض التي تعيش بتمنراست ، هذه المنطقة الشاسعة من الجنوب الكبير، فإن ديوان الحظيرة الوطنية الثقافية الأهقار (تمنراست)، يتطلع إلى انخراط جميع الأطراف المعنية.
و أوضح مدير الديوان بلغول محمد، أنه ينبغي أن يرتكز هذا المسعى على تفعيل وتطبيق الحماية القانونية والتشريعية الخاصة بتلك الحيوانات البرية التي تتواجد عبر هذه المساحة المحمية والمصنفة عالميا، وهو الأمر الذي يتطلب مشاركة مختلف الأطراف المحلية بل وحتى الأجنبية.
و أبرز في هذا الصدد بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحماية الحيوانات أهمية التنسيق مع مختلف فعاليات الحركة الجمعوية المهتمة بحماية الحيوان والبيئة، ومن بينها الجمعية الولائية للصيادين بتمنراست، إلى جانب الاعتماد على زيارات بعض المختصين الأجانب لتقديم الإعانات التقنية، خاصة في إطار برامج التنمية المشتركة ما بين الدول، على غرار برنامج الأمم المتحدة للتنمية .
و يتضمن ذات البرنامج الأممي مشاريع ودراسات تهتم في مجملها بوضعية الحيوان في الحظائر الثقافية بالجزائر، خصوصا منها حظيرتي الأهقار و الطاسيلي، مثلما أشار ذات المسؤول .
ويسعى ديوان الحظيرة الوطنية الثقافية الأهقار ضمن نفس المسعى -إستنادا للمتحدث- إلى الخروج بإستراتيجية واضحة لحماية أصناف من الحيوانات المهددة بالانقراض داخل إقليمها، و التي تعتمد في إحدى جوانبها على الموروث الثقافي لسكان المنطقة من خلال استغلال العلاقة التي تربطهم بالحيوان و البيئة، باعتبار أن ثقافات الشعوب تختلف بخصوص الإنتفاع بالحيوان، حيث أن هناك من يحافظ عليه فقط، فيما يكون آخرون في حاجة إليه لضروريات الحياة.
و تتطلب حماية التوازن البيولوجي استعمالا متوازنا لهذه الثروة الحيوانية من طرف الإنسان الذي ينبغي أن يكون ملما بخصوصيات المحيط البيئي، حتى لا يتسبب في انقراضها ي وهو ما يظهر جليا في بقاء بعض أنواع الحيوانات بمنطقة الأهقار، فيما انقرضت أصناف من الحيوانات، وأخرى مهددة بالإنقراض بفعل جهل الإنسان بأهمية التنوع البيولوجي، كما شرح السيد بلغول .
وصرح في هذا الصدد أن العديد من الحيوانات بهذه المنطقة الصحراوية ما تزال محافظة على وجودها منذ أزيد من 3000 سنة رغم انتشار مهنة الصيد منذ القدم.
و أفاد ضمن نفس الفكرة بأن ظهور وسائل حديثة كالسيارات وبعض الأدوات المعاصرة التي تستعمل في الصيد من شأنها أن تزيد في وتيرة الصيد الغير مسموح به في أوقات و أماكن غير مناسبة، و هو ما قد يؤدي إلى انقراض حيوانات عديدة على غرار الغزلان و الأروية و الفهود.
وأكد في هذا الخصوص أن ديوان الحظيرة الوطنية الثقافية الأهقار يعمل ، وبالتعاون مع الجمعية الولائية للصيادين، على الحد من ظاهرة الصيد العشوائي .
وتظل تلك الأصناف البرية في الوقت الراهن مهددة بالانقراض بفعل هذا الصيد العشوائي، مما دفع بالحظيرة إلى وضع قوانين وشروط للصيد بالتعاون مع جمعية الصيادين المحلية التي تساهم في التحسيس حول أخطار الصيد العشوائي على البيئة.
كما يتم تحديد المساحات و المناطق التي يسمح فيها بالصيد والأوقات الملائمة له، وذلك من أجل حماية ما تبقى من سلالة الحيوانات المهددة بالانقراض حتى لا تتعرض لما حدث لحيوان بقرة العرق أو (تملالت) التي انقرضت قبل سنوات قريبة بفعل الصيد اللاعقلاني و التي كانت متواجدة بكثرة في منطقة الأهقار، يضيف السيد بلغول.
و بالمناسبة دعا ذات المسؤول إلى تجنب الصيد العشوائي لهذه الحيوانات، والوعي بأهمية وجودها في الطبيعة والعمل على المحافظة على التنوع البيئي و التسلسل الطبيعي، مؤكدا على أن العامل الأساسي في بقاء تلك الحيوانات البرية، يتمثل في الطبيعة التضاريسية للمنطقة، حيث تعتبر المناطق الوعرة والجبال ملاجئ للاختفاء فيها ما يصعب صيدها .
و تتشكل الحيوانات بمنطقة الأهقار من ثلاثة أقسام، ويتعلق الأمر بالحيوانات المنقرضة منذ آلاف السنين، ومنها الحيوانات المائية و بعض الثدييات و التي عرفت من خلال الرسومات و النحوت الصخرية للإنسان البدائي و تنتشر في المناطق الغربية لولاية تمنراست، و الرسوبية (بمنطقة تيديكلت وعين قزام) وهي مصنفة بعد أن أجريت عليها دراسات وتوجد آثار منها مكلسة على شكل مستحثات بمتحف الديوان.
وتتمثل المجموعة الثانية من الحيوانات التي اهتم بها الإنسان الأول الذي تواجد بهذه المنطقة وترك آثارها على شكل رسومات و نقوش صخرية قديمة على جبال الأهقار في الفيل و الزرافة و الأبقار و الضباع والغزلان و الأروية، و تندرج ضمن الفن الصخري للإنسان الأول ما قبل التاريخ.
أما المجموعة الثالثة، فإنها تتمثل في الحيوانات التي ما تزال منتشرة بالمنطقة (غزلان فهود وأروية) و تتم متابعتها من قبل الحظيرة عن طريق الرصد و الملاحظة، بالتعاون مع سكان البدو الرحل.