شهدت ظاهرة الإنتحار ارتفاعا مهولا في الآونة الأخيرة، و لم تتوقف هذه الظاهرة عند حدود الشباب و الكبار، بل تجاوزتهم إلى فئة الأطفال، حيث أصبحت طفولتنا في خطر، مما يستدعي دق ناقوس الخطر.
ففي واحدة من المآسي، و التي ذهب ضحيتها تلميذ يدعى”بومدين. ز” في الطور المتوسط، يبلغ من العمر 15 سنة، ينحدر من دائرة ابن باديس سيدي بلعباس، حيث قام بشنق نفسه يوم الإثنين، بسبب عدم تحصله على نتائج جيدة خلال الفصل الثاني من الموسم الدراسي الجاري، وفق ما أكدته التحريات الأولية لمصالح الأمن.
مأساة خلقت صدمة و حالة من الذهول في أوساط الجيران و العائلة و زملائه، الذين لم يكن في حسبانهم أو يتصورا أن ينهي حياته بهذا الشكل، خصوصا أن المرحوم كان معروفا بهدوئه و مرحه.
و الطفل “بومدين. ز”، تم العثور على جثته معلقة بسلك ربطه بخزان الماء، المتواجد بسطح مسكنهم الكائن بحي الإخوة دقيش بقلب مدينة ابن باديس، حيث عثر عليه أفراد عائلته جسدا من دون روح عالق بالسطح.
فيما أشارت التحريات الأولية التي باشرتها مصالح الأمن، إلى أن “بومدين” المتمدرس في الصف الثاني متوسط، أقدم على فعلته التي تعد سابقة بالولاية، بسبب عدم تمكنه من حصد علامات جيدة في امتحانات الفصل الثاني، وحصوله على معدل ضعيف، ما يكون قد دفعه إلى التفكير في الانتحار، بعدما ذكر بعض المقربين من عائلته، أنه ظل يردد كلاما غريبا أياما قلائل قبل وقوع الفاجعة، عندما هدد بارتكاب جريمة في حق نفسه، إن لم يتمكن من تحسين النتائج التي تحصل عليها خلال الفصل الأول، رغم أن والديه لم يمارسا عليه أي ضغط لأجل الحصول على أحسن النتائج حسب ما استقته “الشروق” من مصادر على صلة بالتحقيق الذي ما يزال متواصلا من طرف المصالح الأمنية.
فهذه الفاجعة يجب أن لا تمر مرور الكرام، بل يجب إعادة النظر في طرق التعاطي مع أطفالنا و فهم نفسيتهم و هواجسهم، و التقرب منهم، و عدم ممارسة أي ضغط خلال فترة الامتحانات، فالفشل الدراسي ليس مبررا أن يكون سببا في موت أطفالنا، بل يجب غعادة النظر في مفاهيم خاطئة ترعرعت في مجتمعنا و أصبحت مقياسا “مقدسا”، فلكل طفل قدراته و طاقاته و تكوينه النفسي و الاجتماعي، فلا يمكن أن نطالب أكثر مما هو كائن حتى لا نخسر أطفالنا و شبابنا.