أصدرت محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء وهران، يوم أمس الإثنين، حكما بالسجن النافذ لمدة 6 سنوات في حق سائق سيارة لارتكابه جناية الضرب العمدي المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها، التي راح ضحيتها شخص كان يقاسمه الطريق، وهذا لمجرد اختلافهما حول أولوية المرور، حيث ساهمت النرفزة والتصلب في المواقف بين الطرفين، اللذين أضحيا من السلوكيات اليومية للسواد الأعظم من السائقين الجزائريين، في تطور الأمر إلى سب، ثم ومن لكمة واحدة وجهها المتهم إلى رأس الضحية، انتهى كل شيء في ثوان معدودة، بسقوط هذا الأخير على قفاه أرضا، وتنقلب عبارات التهديد والوعيد لكليهما إلى موت الضحية، وندم مرير من القاتل الذي تسمّر في مكانه، متوسلا الصفح والمسامحة من ضحيته، لكن بعد فوات الأوان.
و حسب الشروق التي أوردت الخبر، فإن محاكمة الإثنين، كانت بحق عبرة لكافة من حضر مجرياتها، حيث إن الجريمة التي ارتكبت في قضية الحال، ما كان لها لتقع ـ حسب ما دار في مرافعات دفاع المتهم وحتى الضحية ـ لو تنازل أحدهما عن حقه في الرد على مجرد كلمات تم التلفظ بها في حالة غضب، عناد وشعور بالنرجسية، لكن وبسبب تمسك الطرفين بحبل الشيطان ـ كما عبر عنه الجاني متحسرا ـ فقد كان مصير هذا الأخير السجن، وووري جثمان الآخر الثرى، حيث إنه بتاريخ 22-02-2017، وعلى الطريق السريع الرابط بين منطقة البركي والسانيا بوهران، كان الضحية (س. مختار)، على متن سيارته من نوع ـ هيليكس ـ بدا له أن المتهم، المدعو (خ. عمر)، وهو تاجر، وكأنه يحاول إزاحته من طريقه، وإجباره على السير في رواق ضيق، الأمر الذي أثار حفيظته، وجعله يتأجج غضبا، ليظلا على تلك الحال حتى وصلا على مقربة من مقر الوكالة التجارية لشركة سيور بالسانيا، حيث ركن الضحية سيارته بطريقة اعترض بها خصمه وأجبره عمدا على الطريق، وراح ـ حسب تصريحات المتهم وأحد الشهود ـ ينزل من مركبته، موجها إليه عبارات سب وشتم، وهو الأسلوب الذي استفز الجاني، خاصة أن صاحب الهيليكس لم يأبه عندما برر له سرعته في القيادة، بأنه على عجل بسبب والده المريض وابنه الذي يخشى التأخر عليه بعد خروجه من المدرسة، ليخرج هو الآخر من سيارته، ويقوم بمسك الضحية بيد ويوجه إليه لكمة على الجانب الأيسر من رأسه بيده الثانية، وفي ظرف ثوان فقط أسقطه أرضا، فأخذ يتخبط في مكانه، مصدرا صوتا يشبه الشخير لم يكن إلا حشرجة الاحتضار، حيث قال المتهم إنه في تلك الأثناء صدم بهول ما حصل، وراح يطلب منه الصفح، وأنه لم يقصد أذيته، وبعدها سارع إلى جانب الشاهد لنقله إلى المستشفى الذي رقد فيه في حالة غيبوبة لمدة 3 أيام، قبل أن يفارق الحياة.
من جهته أثبت تقرير الخبرة الطبية أن الضحية تعرض لرضوض دماغية في الجمجمة، وكسر في عظم الجبهة سبب له نزيفا، وكان السبب في وفاته، أما المتهم فتمسك في أقواله بأن حركة الدفع التي قام بها تجاه المرحوم وسقط نتيجتها على الأرض، إنما كانت بنية إبعاده عنه، وأنه لم يقصد مطلقا قتله، ليلتمس النائب في حقه عقوبة السجن النافذ لمدة 20 سنة، قبل أن تدينه هيئة المحكمة بعد المداولات بـ 6 سنوات سجنا.