أكد وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، اليوم الاثنين مواصلة الدبلوماسية الجزائرية لمسارها في تكريس السلم و الحوار في حل النزاعات القائمة، من خلال مقاربتها التي أضحت محط اعتراف دولي تجسد عبر إدراجها في مختلف المبادرات الأممية.
وخلال نزوله ضيفا على القناة الأولى بمناسبة إحياء يوم الدبلوماسية الجزائرية، استعرض السيد مساهل مختلف المحطات التي مرت بها هذه الأخيرة و التي تميزت في كل مراحلها بالعمل على تغليب السلم و التفاوض بين الأطراف المعنية “حفاظا على الوحدة الترابية للدول المتنازعة و احتراما لإرادتها”.
كما توقف عند أهم ركائز المقاربة الجزائرية في فك الخلافات و النزاعات، والتي يأتي في صدارتها تبني الحوار بين الفرقاء و نبذ الحلول المفروضة من الخارج، و هي المبادئ التي “أصبحت حقيقية” تتجلى في مختلف الجهود الأممية التي تبذل في هذا الاتجاه.
وفي ذات الصدد، عاد وزير الشؤون الخارجية للحديث عن أهم إنجازات الدبلوماسية الجزائرية التي “تعززت في عهد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة” الذي كان قد جعل من مسألة استرجاع الجزائر لمكانتها الدولية أحد الأهداف الثلاثة المسطرة، إلى جانب إخماد نار الفتنة و ترتيب البيت الداخلي.
وذكر في ذات السياق بالنجاحات التي ما فتئت تحققها الجزائر منذ ذلك الحين في حسم النزاعات عبر مسارات التسوية السلمية و المبادرات التي كانت أحد مؤسسيها، على غرار مبادرة الشراكة للتنمية في إفريقيا (النيباد) التي سمحت لدول القارة السمراء بتبني لغة واحدة في الحفاظ على مصالحها و لعب دور جديد في ميزان قوى العلاقات الدولية.
كما شكل ميثاق السلم و المصالحة الوطنية -الذي يحيي هذه السنة ذكراه الـ15 والذي يمثل شعار طبعة يوم الدبلوماسية الجزائرية لهذه السنة- أهم الإنجازات التي حققتها الجزائر على مدار السنوات الأخيرة، مما جعل من تجربتها في مكافحة الإرهاب و التطرف العنيف أرضية لعمل اللجان الأممية في إطار الجهود المبذولة لإحلال السلام.
وتحدث رئيس الدبلوماسية الجزائرية عن مسألة إصلاح الهيئات و القارية التي تتمسك بها الجزائر، سواء تعلق الأمر بالمنظمة الأممية على مستوى مجلس الأمن أو جمعيتها العامة “إيمانا من الجزائر بالدور الكبير المنوط بها في حسم النزاعات”، أو الجامعة العربية التي أصبحت في شكلها الحالي “عاجزة عن تقديم الحلول مما فتح الباب أمام فرض حلول خارجية للنزاعات التي تعرفها بعض دولها”، يقول السيد مساهل.
وعلى صعيد ذي صلة، عرج الوزير على الشق الاقتصادي للدبلوماسية، حيث جدد حرص الجزائر على مرافقة متعامليها الاقتصاديين لاقتحام الأسواق الخارجية، لا سيما الإفريقية منها.
ويرى السيد مساهل في هذه المسألة “ضرورة تفرض نفسها”، خاصة في ظل التنافس الشديد الذي أصبح يطبع السوق الإفريقية و مشروع منطقة التبادل الحر الذي يفتح الباب واسعا أمام الاستثمارات.
ووعيا منها بالأهمية التي تنطوي عليها هذه الأسواق، عملت الجزائر على تدعيم البنية التحتية خاصة الطريق العابر للصحراء الرابط بين الجزائر العاصمة ولاغوس، حيث “يبقى على القطاع الاقتصادي الوطني العمل على افتكاك حيز في هذه الفضاءات من خلال التركيز على جودة المنتوج الوطني حتى يكون قادرا على المنافسة”، يضيف السيد مساهل.
وعلى صعيد آخر، توقف وزير الشؤون الخارجية عند مستقبل الدبلوماسية الجزائرية الذي أعرب عن تفاؤله بخصوصه، خاصة بوجود جيل شاب “يمتلك كل مقومات لنجاح”، مشيرا في ذات الإطار إلى إحصاء ما لا يقل عن 47 امرأة في السلك الدبلوماسي بمقتضى الحركة الأخيرة التي مست القطاع و التي أقرها رئيس الجمهورية.
كما كشف أيضا و بإيجاز عن الأجندة المكثفة للقطاع للفترة المقبلة، على غرار زيارة رئيس الحكومة الإيطالية للجزائر المبرمجة الشهر المقبل و لقاءه مع وزير الصناعة الفرنسي بباريس يوم 29 من الشهر الجاري في إطار متابعة اللجنة الاقتصادية الجزائرية-الفرنسية، فضلا عن لقاءه أيضا بنظيره الفرنسي في إطار الدورة الثالثة للحوار الاستراتيجي بين البلدين.
كما تتضمن الأجندة أيضا زيارة وفد هام أمريكي و آخر روسي للجزائر شهر نوفمبر المقبل علاوة على مشاركته في أشغال لقاء ثلاثي حول ليبيا بالقاهرة، يجمع بين الجزائر وتونس و مصر قبل نهاية الشهر الحالي.