في حوار مع النهار، اعترف وزير الشؤون الدينية والأوقاف،محمد عيسى، أن حج هذه السنة سيعرف صعوبات إضافية في مشعري منى وعرفات، لكنهم لن يفترشوا الشوارع والأروقة، كما كان في مواسم قد خلت، وتحدث الوزير عن العديد من الملفات في الوزارة، من بينها ملف الأوقاف والإمام والنظام التعويضي الخاص بهم، كما رد الوزير على ما سماه الإشاعات والأكاذيب التي تطاله، مؤكدا أنه يرحب بكل ناصح من أجل خدمة القطاع من دون تجريح، و فيما يلي نص الحوار :
– بداية معالي الوزير نبدأ من موسم الحج الذي انطلقت أولى رحلاته يوم 25 جويلية، هل ترون أنه تمّ ضبط جميع الإجراءات لإنجاح الموسم وتدارك أخطاء المواسم السابقة خصوصا في مشعري منى وعرفات؟
ـ الخطأ هو أن تريد فعل شيء فتفعل غيرَه، وهذا لم يقع في تسيير موسم حج السنة الماضية، الذي كان وقع ولايزال يقع كل موسم، هو أننا لاقينا صعوبات في تسيير الموسم، وأنت تعلم أن أداء مناسك الحج بصعوبة ومشقة لا يعني الفشل، لأن الحج بطبيعته عمل شاق، ولذا يستحق الجنةَ كل من أدى المناسك بصبر وإخلاص. لم تعد لدينا صعوبات كبيرة في إسكان الجزائريين في مكة والمدينة، ولا صعوبات في النقل، فقد أصبحت حافلاتنا حديثة الصنع، أقدمها عمرها سنتان، ومنذ أقل من أربع سنوات كان حجاجنا يركبون حافلات مصنوعة في الستينات والسبعينات، ولم تعد لدينا صعوبات مع الإطعام.
وفي السنة الماضية سمعت حاجا يشتكي من كثرة تناول أفخاذ الدجاج، فقلت في نفسي ماذا لو حجّ هذا الشخص منذ أربع سنوات؟ حيث كنّا نقف في الطوابير لتناول وجبات لا نعرف حتى مكوناتها، وقد نبيت في خيامنا على الجوع.
ولم تعد لدينا صعوبات في مخيمات عرفات، ولكن الصعوبات لازالت باقية على مستويات أخرى، وسوف تعترضنا هذه السنة صعوبات إضافية، فمخيمات مِنى لازالت ضيقة لا تكفي الجزائريين، لذلك اضطروا في السنوات الماضية إلى افتراش أروقة مخيماتهم، ولكنهم لا يفترشون الشوارع، ولقد اتخذنا التدابير المناسبة للتغلب على هذه الصعوبة هذه السنة، بتحسيس الحجاج الشباب، وهم يمثلون حولي 35 ٪ من مجموع حجاجنا، نريد أن نقنعهم بخلق الإيثار والتضامن وإعطاء الأولوية للنساء والكبار والمرضى. فضلا عن صعوبة التشويش المتعمّد على أداء البعثة، واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي لبث الشبهات، وترويج الأكاذيب، وهؤلاء لا يتوانون في انتهاك حرمة الحجاج الآمنين الذين تؤخذ لهم صور في وضعيات راحتهم واستراحتهم ثم يبثّونها من دون استئذانهم.
– هل سيكون لتقليص «كوطة» الوزارة تأثير على الموسم، خصوصا أن 50 إماما فقط في البعثة؟
ـ كل رحلة من رحلات الحج فيها إمام واحد على الأقل، سواء كانت هذه الرحلة تابعة للديوان الوطني للحج والعمرة أو كانت تابعة لوكالة سياحية، هذا ما يجعل عدد الأئمة في بعثة الحج يفوق 118 إمام وليس 50 إماماً، كما أشيع. بل يصل عددهم إلى 140، إذا احتسبنا أعضاء لجنة الإفتاء والمرشدات الدينيات. وأمّا الذين يتبجحون اليوم بأن عدد الأئمة قليل في بعثة الحج، فهم أولئك الذين يحبون ترويج الفضائح ويسترقون السمع في أروقة الوزارة، والذين تعودوا على الإساءة إلى قطاعهم بقلة وعيهم وقلّة كفاءتهم، وتكبّرهم عن طرح الأسئلة المناسبة في المكاتب المناسبة، والاكتفاء بتصيد الإشاعات.
– قيل إن الوزارة حرمت أئمة من تأطير الحج ومنحت الأولوية لإطارات ودخلاء عن قطاع الشؤون الدينية وحتى إطارات أنهيت مهامهم، كما اعتمدت المحاباة في اختيارهم، ما هو تعليقكم؟
ـ هذا كذب صراح، وإشاعة مغرضة وغير أخلاقية لسببين، الأول لا أحد ممن هو غريب عن القطاع نال العضوية على حساب حصة الأئمة، بل نال هؤلاء عضويتهم ضمن الأطقم الإدارية للديوان الوطني للحج والعمرة بما يتناسب مع صلاحياته. الثاني لا شيء في القانون يفرض على الديوان الوطني للحج والعمرة أن ينتقي عناصر البعثة من قطاع الشؤون الدينية والأوقاف فقط، كنتُ أعطيت تعليمات واضحة للديوان الوطني للحج والعمرة من أجل الاستغناء التدريجي عن إطارات الوزارة وموظفيها حتى لا تشلّ الوزارة كل عام طيلة شهرين كاملين بسبب أن إطاراتها منتدبون بالبقاع المقدسة لتسيير الحج.
– كانت الوزارة قد قرّرت استعادة أملاك الوقف وإحصاءها بما يتماشى والأسعار المتداولة في السوق، إلى أين وصلت هذه العملية، وكم تبلغ مداخيل الوقف الحقيقية؟
ـ مداخيل الوقف في هذه المرحلة ضعيفة جدا بالمقارنة مع ما يمكن جنيه من استغلال الأملاك الوقفية المؤجّرة أو المستثمرة، والتي تمر أولا عبر النجاح في عملية إحصاء هذه الأوقاف وترسيم صفتها الوقفية. ما هو مستغل من هذه العقارات عن طريق التأجير، فقد لجأنا إلى المؤسسات الرسمية المخولة لتعطينا القيمة الحقيقية للإيجار، ونحن نعمل تدريجيا على رفع الإيجار ليصبح في مستواه الحقيقي، وقد نجحت بعض المديريات الولائية في هذا المسعى أكثر من غيرها. أما العقارات اللصيقة بالمساجد أو الموقوفة على المساجد، حيث كان يستغله غرباء عن الإمامة، فقد بدأنا حملة وطنية لاسترجاعها لصالح الأئمة، مع البحث بالتعاون مع السلطات الولائية عن حلول للمستغلين لهذه المساكن حتى لا نتركهم من دون مأوى. ولقد نجحنا، مؤخرا، في استصدار مرسوم تنفيذي يسمح لنا باستثمار الأملاك، التي تم ترسيم صفتها الوقفية، وهو السند القانوني الذي سيحرّر المبادرات الولائية التي كانت خجولة، بسبب عدم وجود التأسيس القانوني للاستثمار الوقفي، مما كان سببا في كثير من التهم، والإشاعات التي طالت أولئك الذين بادروا بالاستثمار.
– إلى أين وصل مشروع القرض الحسن؟
ـ لازلنا نعمل على استرجاع القروض الحسنة التي استفاد منها المواطنون من صندوق الزكاة، وبعد أربع سنوات من تجميد مشروع القرض الحسن، لازال استرجاع ما سبق إقراضه صعبا، لأن كثيرا من المستفيدين يعتقدون خطأ أن الشرع يسمح لهم بتملك تلك القروض وعدم تسديدها، فبأي علم استحل هؤلاء أموال الفقراء والمساكين، وقد أعطي لهم قرضا مرتجعا لا تمليكا؟
و عند انتهاء مدة التجميد التي تقرّر أن تكون خمس سنوات ستجتمع الهيئة الشرعية التابعة للجنة الوزارية لصندوق الزكاة، لتقرّر أحدَ الأمرين، إما المنع النهائي للقرض الحسن من صندوق الزكاة، أو تقرر الرجوع إلى القرض الحسن من صندوق الزكاة، ومهما كان قرار هذه اللجنة الشرعية، فإنّ قرارها سيكون هو قراري.
– هل للوزارة نسبة محددة بشأن تحصيل زكاة الجزائريين، وهل هناك نية مستقبلية للوزارة بفرض الإلزامية في دفع الزكاة كما هو الشأن بالنسبة إلى الضرائب؟
ـ لا تستطيع الوزارة أن تحصي عدد الجزائريين الذين يدفعون الزكاة، لأن الذين يدفعون الزكاة لا يدفعونها بالضرورة إلى صندوق الزكاة، ولكننا نعتقد أن جميع الجزائريين الذين تتوفّر فيهم شروط الزكاة فهم يدفعونها، لأننا نعتقدهم جميعا مسلمين صادقين. ولا يمكن للوزارة أن تجعل دفع الزكاة إلى الصندوق إلزاميا، كما هو شأن الضرائب، لأن الأمر إذا وصل إلى درجة الإلزام فإنه سيصبح من اختصاص وزارة المالية، اجتنابا لتنازع الصلاحيات.
– بالنسبة لجامع الجزائر الذي تشارف أشغاله على الانتهاء، هل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف مستعدة لتسيير هذا الصرح الديني الذي يضمّ العديد من المرافق، وإلى أين وصل مشروع اختيار إمام الجامع؟
ـ جامع الجزائر تسيره الوكالة الوطنية لبناء وتسيير جامع الجزائر، التي هي تحت مسؤولية وزارة السكن والعمران والمدينة، وعندما يكتمل الجامع ستنظر الحكومة في السلطة التي ستشرف على تسييره، فقد تكون هي وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أو ستكون هي رئاسة الجمهورية أو الوزارة الأولى، وحينئذ تكون الوكالة تحت سلطتها وتكون في مجلس إدارتها كل الوزارات ذات الصلة بالمرافق الموجودة في الجامع، بما في ذلك وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي تضطلع بالفضاء الديني وانتقاء طاقم الأئمة الذين سيتداولون على الإمامة فيه من جملة النخبة الطيبة، التي انتهينا من تشكيلها، والمجلس الوزاري المشترك الذي أصبح يجتمع دوريا تحسبا لتسلم المشروع أدرج في جدول أعماله مناقشة المشروع الذي تقدمنا به لتنظيم هذا الفضاء.
– جامع الجزائر كان قد استفاد من هبة تتمثل في سجاد إيراني فاخر سبق وتم فرشه بحضور معاليكم، لكنه سرعان ما راجت معلومات عن تعاقد مؤسسة بناء وتسيير جامع الجزائر مع شركة وطنية لفرش الجامع، كيف سيكون مصير السجاد الإيراني؟
ـ مصير السجّاد الإيراني الموهوب بيد الواهب وهو رجل أعمال جزائري معروف لدى الدولة، وبين الموهوب له باسم جامع الجزائر، وهو فخامة رئيس الجمهورية، أما وزارة الشؤون الدينية والأوقاف فهي مأمورة بحفظ السجاد وصيانته، وهي تقوم بهذه المهمّة باقتدار رغم ما يتطلبه ذلك من خبرات وصعوبات.
– بخصوص ملف المساجد والإمام، تنامت مؤخرا ظاهرة الاعتداء على الأئمة، أين وصل الملف بعد اختياركم اللجوء إلى العدالة؟
ـ هذه الظاهرة في تقهقر وتراجع ولله الحمد والمنة، إن تردد بعض الأئمة -تحت ضغط العقلاء ومرتادي المسجد- في إيداع شكاوى رسمية لدى العدالة، بعد عمليات الاعتداء التي بدأوا يتعرضون لها منذ شهر ماي 2016، هو ما دفع بعض المتشددين إلى التمادي في الاعتداء على الإمام ومنعه من اعتلاء منبره والإساءة إليه لفظا وحسّا، لذلك ارتفعت حالات الاعتداء بشكل ملفت للانتباه في سنة 2017، لكن تبقى أخطر حالات الاعتداء هي استشهاد إمامين اثنين أحدهما في سنة 2016 والثاني في سنة 2017، أما الشخصان المغتالان بمسجد في ولاية سيدي بلعباس، في هذه السنة الجارية، فليسا إمامين ولا من الأعوان الدينيين، كما يروج لذلك بعض مسترقي السمع، لكننا ندعو للجميع بالرحمة والغفران. وأمام تفاقم الأوضاع، فقد قررنا أمرين اثنين، أولا أن تتأسس الوزارة تلقائيا طرفا شاكيا لدى العدالة إذا حصل الاعتداء على الإمام داخل المسجد أو المدرسة القرآنية أو السكن الوظيفي، حتى وإن عفا الإمام عن المعتدين، وتتأسس الوزارة طرفا مدنيا في كل اعتداء يقع خارج المسجد إن أودع الإمام شكوى لدى العدالة.
– إلى متى سيستمر تجميد تجديد الجمعيات المسجدية، بعد أن قيل إن قراركم سيجمد جمع التبرعات ووقف بناء بيوت الله؟
ـ الذي يجمع التبرعات في المساجد من أجل بناء بيوت الله هي الإدارة وليست الجمعية، ويتم ذلك تحت إشراف الإمام ورقابة الدولة، ثم تصب هذه التبرعات في حسابات الجمعيات لتواصل نشاط البناء، فتجميد تجديد الجمعيات المسجدية لن يؤثر في وتيرة بناء المساجد، بل إن العملية مستمرة إلى الآن بطريقة سلسة. إن الانتماء إلى جمعية المسجد فعل نبيل، إذا كان من أجل بناء المسجد أو تجهيزه، أو صيانته وتوسيعه، لكنه فعل خبيث لما يتحول إلى تموقع حزبي أو انتفاع اجتماعي، ونحن لن نرفع هذا التجميد ما دام أصحاب الأهواء السياسية والأغراض الطائفية يعتدون على أئمتنا باسم جمعية المسجد، ويفرضون عليهم أفكارهم من خلال النشاطات الترويجية التي لا يأذن بها الإمام.
– هل هناك إجراءات لمراقبة أموال التبرعات الممنوحة للمساجد، بعدما قيل إن هناك مساجد بنيت بأموال مشبوهة، أي أن التبرُّع للمساجد أصبح طريق الكثيرين لتبييض أموالهم؟
ـ جمع التبرعات في المساجد من أجل بناء بيوت الله تتولاه الإدارة المتمثلة في الوالي، ثم تصب هذه التبرعات في الخزينة العمومية في حساب مؤسسة المسجد، ثم تحول إلى حسابات الجمعيات لتواصل نشاط البناء. أما المتبرعون مباشرة لبناء مساجد، فإنهم يتعاقدون مع إدارة الشؤون الدينية والأوقاف كطرف متفرد بالبناء، ثم هم يموّلون مقاولين يختارونهم أو تقترحهم عليهم إدارة الشؤون الدينية والأوقاف، وتقوم هذه المقاولات بالبناء ويقوم المحسن بدفع مستحقات الفواتير، فكل العملية مرسّمة وتترك أثرا إداريا تحسبا لأية محاسبة. أما اللغط الذي فتح في وسائل الإعلام، مؤخرا، وانجرَّ وراءه بعض الأئمة والدعاة، فهو لغط افتراضي تخيله بعض الساسة ثم صدّق وجوده ثم بدأ في تحليله، والتساؤل عن غياب جواب رسمي عن تلك الترهات.
– بالنسبة للإمام، متى سيكون هناك قانون أساسي ويستفيد من التعويض بعد كل السنوات من التهميش حسب نقابة الأئمة التي تهدد في كل مرّة باللجوء إلى الاحتجاج؟
ـ القانون الأساسي الخاص بالأئمة ساري المفعول منذ سنة 2008، لكن المشكل هو أن بعض الأئمة يعتقدون أنهم لا يملكون قانونا أساسيا يؤطرهم، ويطالبون الوزارة بالإفراج عن القانون الأساسي، ولا يجدون من يشرح لهم واقع الحال، بل يجدون من يستغل جهلهم بالموضوع ليسيطر على أفكارهم ويمنهم بأوهام من ضرب الخيال. لقد رفع القانون الأساسي شأن الأئمة وفتح المجال لخريجي الزوايا وأعطاهم قدرهم الذي يستحقونه مقابل شهادة الطور الثالث والرابع في التعليم القرآني ورتّبهم في أجورهم وحقوقهم، كما يرتب غيرهم في الوظيف العمومي، ومن قبل ذلك كان حاملو القرآن الكريم يهانون على أبواب الإدارات لأنهم لا يحملون شهادات تسمح لهم بالتوظيف. أما مراجعة القانون الأساسي فهو مجمّد في كل القطاعات، ولا يملك أي وزير مراجعته، وكل النقابات سواء تلك المنضوية تحت الاتحاد العام للعمال الجزائريين أو تلك التي تسمي نفسها مستقلّة، تعرف أن مراجعة القوانين الأساسية مجمدة في كل القطاعات بأمر حكومي، إلا نقابة الأئمة، فهي لازالت تعتقد أن الوزير هو الذي يرفض مراجعة القانون الأساسي للأئمة، وأنا أخشى أن تكون على علم بأن المراجعة مجمّدة ولكنها تهيّج الأئمة ضد وزارتهم لغرض لا أعرفه. أما النظام التعويضي، فقد سبق لي التصريح بخصوصه، والتعبير بأنه غمط حقوق الأئمة، وأخبرت السادة الأئمة عن محاولتي تصحيح الوضع قبل طروء هذه الأزمة المالية، ولازلت أنتظر فرصة فتح المجال لمراجعة هذا النظام التعويضي لتحسينه لما يخدمهم.
– بعد عشرين سنة من طلب الحكومة طبع مصحف خاص بمواصفات جزائرية، إلا أنه في كل مرة تكتشف أخطاء كبيرة تكون بعد خسارة أموال ضخمة؟
ـ أنا إطار في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف منذ 18 سنة، ولا أذكر أن هذا الأمر صدر إلينا من الحكومة يوما، الذي أعرفه هو أن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، حفظه الله، قرر طبع المصحف بنفس الطريقة مرة في كل سنة بدل مرة كل خمس سنوات منذ توليه شؤون الرئاسة وأمر بتوزيعه مجانا. الضجة الأخيرة المثارة على المصحف يرجع سببها الخفي إلى محاولات مجموعة تريدنا أن نطبع مصحفا بديلا عن خط الدكتور شريفي يكون مكتوبا بجهاز الكمبيوتر، وهو ما نرفضه ذوقا وترفضه اللوائح التي تنظم طباعة المصحف الشريف في الجزائر، والتي تصرح بأن المصحف ينبغي أن يكون مكتوبا بخط اليد أو بالقلم الإلكتروني استثناءً.
ـ وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عرفت في السنوات الأخيرة زيارة العديد من الوفود واستقبال مسؤولين رفيعي المستوى من العديد من بلدان العالم، هل ترى أن الدبلوماسية الدينية الجزائرية أصبحت مؤثرة في هذه البلدان؟
ـ نعم، بل أكثر من هذا أقول إن مصطلح الدبلوماسية الدينية هو مصطلح جزائري بامتياز، قبل أن تتبناه بعض الدول وتحاول احتكاره. والدبلوماسية الدينية هي جزء من الدبلوماسية الجزائرية التي يشرف عليها فخامة رئيس الجمهورية شخصيا، وينسق مفاصلها ويفوّض تنفيذ بعض فقراتها لوزراء حكومته، وإني أتشرف بأني كنت أنا الذي أنعشت هذه الفقرة وفعّلت دورها على ضوء توجيهات السيد الرئيس وبالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية.
ـ شيوخ السلفية أو شيخ السلفية محمد علي فركوس، في كل مرة يتهم الوزارة بدعم أهل البدع، ويهاجم شخصكم، ويتهمكم بالتقصير.. فما قولكم؟
ـ أنا لا يضرني من يتكلم عني في غيبتي، لأن الذي يريد الخير لهذا الوطن فلينصحني في حضرتي، وأنا أحبّ الناصحين، ولم ولن أرد ناصحا مهما علا مستواه أو دنا، أما عقد اللقاءات المغلقة لتجريحي والكذب علي بنية إذايتي فأحتسبه عند الله. المدرسة السلفية ليست غريبة عني وأنا أعرف أبناءها، وأتفاعل معهم لصالح الدين ولفائدة الجزائر، ولكن الذي أحاربه اليوم هو الشحن الطائفي، والفكر الإقصائي، وتسفيه الناس، وتحريض العوام على الأئمة والدعاة. لم أشخّص يوما خصومي ولا ذكرتهم بسوء في مجلس علني ولا في مجلس خاص، وإن حاول كثيرون جعل مواقفي ضد الشحن الطائفي والخطاب المتشدد، هي مواقف عدائية ضد شخص بذاته، وراحوا ينسجون من خيالهم وجود خلافات مهنية خاصة بيننا، أما أنا فلم أشخص أبدا هذا الخلاف ولكنني لن أتوانى عن الدفاع عن إسلام أسلافنا العلماء، الذين كانوا يوحدون الصفوف ولا يفرقونها.
ـ تداول مؤخرا في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو أثناء زيارتكم لأحد الأولياء الصالحين، والصلاة أمام قبره، حيث خلف جدلا كبيرا وصل الأمر إلى اتهامكم بدعم من يسمونهم بالقبوريين، وما هو تعليقكم على ذلك؟
ـ الذي صوّر مقطع زيارة زاوية سيدي محمد بلكبير رحمة الله، هو إطار من إطارات قطاع الشؤون الدينية والأوقاف، ولم يأخذ هذه الصور تلصُّصا ولا اختلاسا بل أخذها بعلمي، وأخذ غيرها طيلة مهمتي إلى ولاية أدرار في ذلك اليوم. والشريط منشور في صفحة «الفايسبوك» الخاصّة بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية أدرار، ومنها أخذوا الشريط وبفضلها اطّلعوا على الزيارة التي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إلى هذه الزاوية العامرة إن شاء الله. وليس هذا عيبا، بل العيب وكل العيب أن يتصرّف هؤلاء الكذّابون في الصور فيوقفونها ويجمّدونها في وضعية نزول الوزير إلى الجلوس على الأرض ليظهر في وضعية تشبه السجود للقبر، أو يوقفونها ويجمدونها عند قيامه من الجلوس ليوهموا الناس أن الوزير ركع للقبر.. لم تُعَلمني مدرسة ابن باديس التي أفتخر بالانتماء إليها أن أسجد للقبور، ولا علَّم الشيخُ محمد بلكبير أحداً أن يسجد إلى قبر وإن كان قبر رسول مبعوث.
ـ هل هناك حساسية بين شخصكم وإطارات في المجلس الإسلامي الأعلى الذين كانوا زملاءكم في الوزارة؟
ـ ليست لدي حساسية ضد أيٍّ من زملائي، وأتمنى أن لا تكون لدى أحد منهم حساسية ضدي، أنا أتشرف بأنني تعلمت على بعضهم قبل أن يدركهم سن التقاعد فيبعدنا عن بعض، وأنني تعاونت مع بعضهم قبل أن يُفَضِّلُوا هم الانتقال إلى فضاءات أخرى، فكنت حينئذ داعما ومزكيا ومسهلا في غيبتهم وحضورهم.
– بعد هذه السنوات التي قضيتموها في الوزارة هل تعتقدون أنكم قمتم بالواجب؟
ـ لا أستطيع تقويم أدائي بنفسي، أما واجبي تجاه الدولة، فالسيد رئيس الجمهورية الذي عيّنني في المنصب هو الذي يقدّر هل أديت ما كان يجب علي أداؤه تجاه الدين والوطن أم أنني قصرت.