في إطار مشاركة وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، في أشغال الندوة الدولية روما-الحوار المتوسطي ، الجارية بالعاصمة الايطالية روما من 30 نوفمبر إلى 2 ديسمبر،عرض المقاربة الجزائرية في مجال مكافحة الارهاب و التطرف العنيف و تجربتها في مجال مكافحة التطرف.
و أبرز السيد مساهل أنه في ظل السياق الاقليمي الراهن “يواصل الارهاب في تشكيل احدى اخطر التهديدات على أمن عدد متزايد من البلدان”، مضيفا أنه “بالرغم من الهزيمة التي تلقتها داعش، و التي تشكل تقدما هاما، فإنها تبقى مع ذلك فوزا جزئيا للمكافحة الشاملة ضد هذه الافة، التي تتعزز للأسف في مناطق عديدة اخرى من العالم”.
وأوضح وزير الشؤون الخارجية يقول أن “مساهمة الجزائر تشير في بادئ الأمر الى أن الهزيمة العسكرية لداعش لا يعني هزيمتها الكاملة حيث ستبقى خلاياها عبر العالم تنشط بالرغم من فقدان اقاليمها و ستكون مصدر تهديدات تستدعي تعاون ثنائي و اقليمي و دولي مهيكل و مؤكد بشكل افضل يأخذ بعين الاعتبار الانشغالات الأمنية لجميع البلدان و لجميع مناطق العالم”.
وذكر في هذا السياق أن الجزائر “لن تدخر أي جهد بخصوص هذا الشأن قصد ضمان امنها الخاص و لكي لا تعرف الشعوب الأخرى الفزع الذي فرضه الارهاب عليها في التسعينات”.
وأضاف بالقول أن مساهمة الجزائر “تشير ثانيا الى أن هذه المنظمة الارهابية قد جندت الكثير من الأشخاص عبر العالم من خلال الالاف من الشبان منحدرين من حوالي مائة بلد”.
وأوضح السيد مساهل بخصوص هذه القضية أن “عدد معتبر منهم يستعد للعودة إلى بلده الاصلي أو نحو مناطق اخرى من النزاع”، مذكرا أن الجزائر ” التي عرفت و عانت من عودة ما كان يسمى بالأفغان، هي على وعي بالتهديد الذي يشكله هؤلاء المجرمين من حيث تكوينهم الايديولوجي و خبرتهم العسكرية”.
كما أكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الجزائر “بالرغم من تسجيلها عدد قليل من المحاربين الارهابيين الأجانب، فقد اتخذت اجراءات لتأمين ترابها و حدودها، وتبقى مع ذلك يقظة و جد قلقة من هذه الافة التي تشكل تهديدا حقيقيا على جوارها المباشر، الذي هو معرض بدرجة كبيرة لهذه الافة”.
و تبرز المساهمة الجزائرية ثالثا “حدود الخطة الدولية الموضوعة قصد تجفيف موارد تمويل مختلف الجماعات الارهابية، لا سيما أمام الذكاء الذي تظهره تلك الجماعات في ايجاد موارد جديدة للتمويل، و أمام خبرة داعش في التحكم على الأقاليم و الموارد، و أمام أيضا الروابط القوية للإرهاب مع الجريمة المنظمة العابرة للأوطان”.
وأبرز السيد مساهل في هذا السياق أنه “طالما أن الارهاب يستمر في الحصول على الموارد المالية فإنه سيستمر في أعماله التخريبية، مما يستدعي أن يتناول المجتمع الدولي هذا الملف بمقاربة أكثر تركيزا على النقائص المسجلة”.
و تدرج مساهمة الجزائر في نقطتها الرابعة “استعمال الانترنيت الذي يبقى تحت تصرف الجماعات الارهابية التي تتجه نشاطاتها اكثر فأكثر نحو المنصات المشفرة و الداركنات، متجنبة بذلك مراقبة الدول، حيث تستدعي المشاركة الضعيفة لصناعة التكنولوجيات الجديدة للاعلام و الاتصال في هذه الحرب ضد الارهاب, وضع ضوابط مناسبة من طرف الدول و المجتمع الدولي عامة”.
وأكد وزير الشؤون الخارجية في هذا الصدد، أن الجزائر “تبقى على قناعة بضرورة وضع ميثاق توافقي تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة من شأنه ان يضع انترنيت بعيدا عن متناول النشاط الارهابي، و أن يحفظ ميزته كأداة عالمية للتواصل الحر و التقارب و الحوار و التشارك بين الافراد و الشعوب”.
و أبرز أخيرا أن “مكافحة الارهاب يجب أن تحافظ في هذه المرحلة ما بعد داعش على صرامتها الكاملة و أن تتناول بشكل دائم إلى أسبابه، و من بينها التدخلات العسكرية الأجنبية التي لا تحترم الشرعية الدولية و التي تولد الفوضى، و كذا معاداة الاسلام التي نمت في عدد كبير من البلدان و كذا التطرف”.
وأشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية بخصوص هذه النقطة أن مكافحة التطرف و التطرف العنيف “لا ينطوي فقط على مكافحة معاداة الارهاب على صعيد الهيئات في المجتمعات التي تعرف تنامى هذه الظاهرة، و لكن تتطلب ايضا وضع سياسات و استراتيجيات شاملة تستهدف عوامل الاستبعاد و التهميش، و كذا تشجيع وضع سياسات تحافظ على الاتساق الاجتماعي تهدف إلى تعزيز دولة القانون و الديمقراطية و الحكامة الرشيدة و حقوق الانسان و المرأة و نضال بلا هوادة من أجل تكريس الشفافية و العدالة و مكافحة الافات الاجتماعية”.