خلال دراسة أجرتها جمعية “راج”، و عرضت نتائجها في ندوة صحفية عقدتها أمس بمقرها بالعاصمة، فقد أكدت الدراسة أن 46 بالمائة من الشباب الجزائري الذين شاركوا في التشريعيات لا يعلمون دوافع اختيارهم، ولم تجلب الحملة الانتخابية سوى 37 بالمائة من اهتمامهم، وتأتي “اللامبالاة” في مقدمة أسباب مقاطعتهم، بينما كشف 1 بالمائة منهم أنهم أعضاء في أحزاب ويكاد يكون الانخراط في النقابات معدوما،هذه بعض الأرقام “الصادمة” التي كشف عنها سبر آراء واسع أجرته جمعية “راج” حول علاقة الشباب بالسياسة في الجزائر.
عيّنة معتبرة من 1462 شاب بين 18 و35 سنة، يمثلون 8 مناطق جغرافية في الجزائر عبر 41 ولاية، تم استطلاع آرائهم ما بين 25 ماي و15 جوان 2017، عبر استجواب بنظام المقابلة، يحاول الإجابة عن المحاور المتعلقة بواقع الشباب الجزائري بعد 55 سنة من الاستقلال ومدى اهتمام الشباب الجزائري بصفة عامة بالانتخابات وبخاصة تشريعيات 2017، ومدى إعطاء النخبة السياسية الاهتمام الخاص للشبيبة الجزائرية وحقيقة لامبالاة الشباب الجزائري من الفعل السياسي.
ووفق النتائج التي أعلنتها جمعية “راج”، فإن الحملة الانتخابية لم تثر اهتمام الشباب. وبيّنت النتائج أن 37 بالمائة فقط تابعوها، ومن بين هؤلاء المتابعين، 47 بالمائة صرحوا بأنهم حضروا تجمعات، بينما 85 بالمائة اكتفوا بالمتابعة عبر التلفاز أو المذياع و54 بالمائة عبر الصحافة المكتوبة. وحسب الجنس، جاء الرجال في المرتبة الأولى من حيث المتابعة بـ 44.8 بالمائة، ثم النساء بـ28.8 بالمائة. ومن حيث المستوى التعليمي، جاء الجامعيون في المقدمة بنسبة متابعة تصل إلى 51.3 بالمائة، بينما غير المتعلمين كانت متابعتهم في حدود 20.1 بالمائة.
وفي اعتقاد 1.8 بالمائة من الشباب الجزائري، فإن الحملة الانتخابية كانت “جد مرضية”، في حين رآها 16.8 بالمائة منهم غير مرضية تماما، أما الأغلبية بـ39.9 بالمائة ليس لها رأي. وحسب 21.7 بالمائة من المستطلع آراؤهم، فإن مكانة الشباب في الحملة الانتخابية لم تكن معتبرة، يخالفهم في ذلك 2.4 بالمائة يعتبرونها هامة. وصرّح 12.2 بالمائة من الشباب فقط أنهم تأثّروا بخطاب الحملة الانتخابية، وقال 15.3 بالمائة منهم إن هذه الحملة أثّرت على اختياراتهم.
وفي وقت كانت نسبة المشاركة الرسمية في التشريعيات 38.25 بالمائة، كشف الاستطلاع أن 37.8 بالمائة من الشباب شاركوا في الانتخابات. ووفق النتائج، فإن 37.3 بالمائة من المشاركين ينتمون إلى المناطق الحضرية في مقابل 38.7 بالمائة في المناطق الريفية. وإذا أخذت بالاعتبار الشرائح العمرية، فإن 47.60 بالمائة من المشاركين ينتمون إلى فئة 30-35 سنة مقابل 26.9 بالمائة للفئة ما بين 18-24 سنة.
وعند سؤال الشباب عن دوافع مقاطعتهم، فإن 13.5 بالمائة يعزونها إلى “اللامبالاة” و11 بالمائة يقولون بعدم وجود الثقة، و11 بالمائة يرجعون الأمر إلى عدم حيازتهم بطاقة ناخب و10 بالمائة بسبب اهتمامهم القليل. وحول نزاهة الانتخابات من منظور الشباب، اعتبر 63 بالمائة، أن التشريعيات لم تكن مزوّرة في مقابل 37 بالمائة تقول العكس. وبخصوص الأحزاب التي صوّتوا لها، احترم سبر الآراء نسبيا النتائج الرسمية، فقال 30.2 بالمائة من الشباب المصوّتين إنهم اختاروا الأفالان في مقابل 12.4 بالمائة انتخبوا الأرندي، و11.2 بالمائة صوّتوا بالورقة البيضاء و5.4 بالمائة لصالح الأفافاس.
أما عن سبب التصويت لهذه الأحزاب، فذكر 46 بالمائة من الشباب المصوّتين، أنهم لا يعلمون سبب اختيارهم، في حين قال 8.8 بالمائة أنها بسبب برنامج الحزب و6.2 بالمائة بسبب وجود قريب في إحدى القوائم و6.1 بالمائة قالوا إنهم صوّتوا للحزب الذي حرّر الجزائر. وشمل الاستطلاع أيضا صورة البرلمان السابق عند الشباب الجزائري، حيث اعتبر 15 بالمائة منهم أن أداءه كان جد مرضي، بينما 57 بالمائة كان تقييمهم سلبيا. وبخصوص البرلمان الحالي، قال 41 بالمائة من الشباب إنهم لا ينتظرون منه شيئا. ويعتقد 27.5 بالمائة من الشباب أن البرلمان “مفيد جدا”، بينما قال 37 بالمائة إنه “ليس مفيدا” على الإطلاق.
وبصفة عامة، ذكر 1 بالمائة من الشباب أنهم انخرطوا في حزب سياسي، بينما قال 3 بالمائة منهم إنهم شاركوا في نشاط حزبي. وجاء تقييم 43 بالمائة من الشباب سلبيا بخصوص الأحزاب، في حين 30 بالمائة ليس لهم رأي. أما عن الجمعيات، فذكر 2.5 بالمائة أنهم منخرطون، وصرح 81 بالمائة أنهم لم يسبق لهم ممارسة العمل الجمعوي. ويكاد يكون انخراط الشباب في العمل النقابي معدوما بنسبة 0.2 بالمائة، بينما جاء التقييم إيجابيا لعمل النقابات بنحو 39 بالمائة.
وفي قراءة أولية لهذه النتائج الخام التي تنتظر تحليل الأكاديميين والمختصين، ذكرت الدراسة أن ثمة لامبالاة ونفورا لدى الشباب من الفعل السياسي، وجهلا واسعا بدور البرلمان يصاحبه في نفس الوقت تطلع للتغيير.