خلال تصريح صحفي، نفى رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، تلقي أي اتصال من الوزير الأول عبد المالك سلال، في إطار مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، قائلا إنه حتى في حال اتصل بهم، فالعدالة والتنمية لن تغيّر موقفها، وترفض رفضا قاطعا خيار المشاركة، وذهب أبعد من ذلك، واصفا نتائج تشريعيات ماي الجاري بالمزوّرة، معتبرا أن مشاركتهم فيها، كانت بهدف التعريف بالخط السياسي لحزبه، وليس طمعا في مقاعد برلمانية، واستبعد بالمقابل أن تكون هنالك حكومة توافقية مستقبلا.
و حول تقييمه لمشاركة حزبه في التشريعيات، صرح جاب الله للشروق ، قائلا : “نعتقد أن الانتخابات التشريعية تمثل الاستحقاق الأهم على الإطلاق، بحكم أنها ستمنح السلطة للمشرع، ولذلك كان يجب أن تكون محاطة بالحرية والنزاهة، الأمر الذي ما يزال غائبا لدى صانعي القرار في الجزائر، فهؤلاء يحتكرون السلطة، ويتعاملون مع الشعب وبقية الطبقة السياسية كمكونات تسخّر لخدمتهم، وهو ما يرفع الشرعية عن هذا الاستحقاق الانتخابي، وهنا أؤكد أنه رغم المطالب المتكررة للأحزاب والوعود المستمرة للسلطة لضمان نزاهة الانتخابات، ما تزال هذه الأخيرة تخضع لمختلف أشكال التزوير، ما جعل الجزائريين يختارون المقاطعة ويرفضون التوجه إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، فهؤلاء سطوا على إرادة الشعب، ورفعوا نسبة المشاركة لصالح الموالاة.”
و أضاف ” النتائج لا تهمنا، رغم أن الجميع يعلم أن التزوير طالها، وهدفنا كان من المشاركة في التشريعيات التعريف بالحزب ومبادئه وأهدافه والطريق الذي يرى ضرورة سلكه خلال المرحلة المقبلة، وعلى العموم لا يمكن الحديث عن نتائج الانتخابات مع أشخاص يعلنون نتائجها مسبقا، ويستغلون شخصيات نافذة لتزوّر لهم، ويعترفون بذلك في مجالسهم، رغم أن التزوير أحد أكبر الجرائم ويجب أن يقام عليه الحد”.
و فيما يخص قضية الطعون فقد أكد أنه “بالفعل تم إيداع عدد من الطعون لدى المجلس الدستوري وننتظر الفصل فيها ولكن هذا لا يعني بالضرورة أننا نعول عليها بقوة أو نولي أهمية كبرى لنتائج التشريعيات، فنحن منذ البداية كنا نعلم أنها ستكون مزورة، وإن شاركنا فيها، فهدفنا كان كما سبق وقلت، التعريف بحزبنا وأفكاره ورسم صورة عنه في أوساط الجزائريين وليس أكثر”.
و حول المشاركة في الحكومة ، أكد جاب الله أن “الحكومة الجديدة لا ينتظر منها شيء، فستكون بنفس الوجوه ونفس التوجه، وستعكس نتائج التشريعيات التي أجزم أنها مزورة، والسلطة لا تريد من هذه الاتصالات إلا إعطاء حكومتها الجديدة شرعية، مثلما حاولت إعطاء الاستحقاقات الأخيرة شرعية عبر الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وأبعد من ذلك نحن ضد كل ما ستتعامل به هذه الحكومة سواء سياسيا، فيما يتعلق بملف الحقوق والامتيازات الممنوحة لكل جهة، أم حتى اقتصاديا وهنا أشير إلى التعاملات الربوية والنهب المستمر للثروة وغيرها من التجاوزات، أو حتى في الملفات الاجتماعية المتعلقة بالمرأة والصحة وتحسين دخل المواطن، وبالمختصر المفيد هذه الحكومة لن تحقق قفزة سحرية ولكن لديها إرادة للاستمرار فيما كان سائدا من قبل”، مؤكدا في نفس الوقت أنه “إلى حد الساعة لم يتصل بنا الوزير الأول عبد المالك سلال وحتى إن اتصل فموقفنا معروف، ولن نغيره، فنحن ضد خيار المشاركة في حكومة ما تزال تعتمد على آليات التزوير في الانتخابات، كما أجزم أننا لن نلتفت لهذه العروض ما دامت الانتخابات مزورة، فأولا وقبل كل ذلك، يجب أن تكون الانتخابات نزيهة وحرة ولا يتم السطو على إرادة الشعب، وإلا فما جدوى المشاركة في الحكومة، فذلك قد يمنحها شرعية مزيفة على حسابنا، مع العلم أننا دائما نبحث عن المصداقية والشرعية الكاملة”.
و في سؤال حول إمكانية تحقق حكومة توافقية، تساءل جاب الله : “كيف يمكن أن تكون هناك حكومة توافقية في انتخابات مزورة، وهنا أحذر الذين يرون التزوير ويفضلون السكوت عنه، أو يقبلون بالتزوير لصالحهم، بأنهم شركاء في هذه الجريمة ضد الشعب”.
و حول بقاء الحزب في المعارضة، فقد أكد جاب الله أن حزبه “حزب إنساني يحمل مشروعا للتنوير، اشتغلنا قبل عشرات السنوات لتربية أبنائنا وأبناء المجتمع الجزائري واخترنا الدعوة إلى الخير، وهنا أنا لا أزعم أننا حققنا إنجازات كبيرة، لكننا نؤمن بالعديد من الأفكار ونسعى لتجسيدها، وسنواصل العمل السياسي، وأؤكد لكم أنه لا تهمنا هذه التسميات التي تطلقونها، معارضة أم غيرها، فهدفنا كان وسيظل البناء والتنمية”.
و في جوابه على سؤال يتعلق بالقيادات السابقة في حزبه و الذين استطاعوا الظفر بمقعد برلماني في التشريعيات، قال رئيس جبهة العدالة والتنمية : ” يكفينا شرفا أننا استطعنا في السنوات الماضية جمع كافة هذه القيادات تحت حزبنا بهدف نشر أفكار الصحوة، ناضلنا مع بعض، والكثير منهم اختار شق طريقه الخاص بعد سنوات وفق رؤيته هو، وخدمة ما يراه نافعا، أنا لست ضد أي أحد ولكن لو ظل أبناء الحزب مجتمعين ومتعاونين على خدمة الأمة لكان أحسن للجميع”.