الانحدار الثقافي والفكري الذي أفقد التجربة الجامعية الكثير من محتواها انتج كثرت الشجارات الجامعية والتي لم تعد حالات معزولة صارت آفة لا تكاد تخلو منها جامعة.ما نعلمه هو أن الجامعة تعتبر فضاءً للتحصيل العلمي لكننا أصبحنا نصطدم بأنها أصبحت مسرحًا للجريمة والتقاتل خلال السنوات الأخيرة والسبب انه انتشرت في الجامعات الجزائرية منذ سنوات تنظيمات طلابية مختلفة بهدف تأطير الطلبة وتسيير شؤونهم ولكن الكثيرون يتساءلون عن طبيعة نشاط هذه التنظيمات وعلاقتها بالأحزاب السياسية والعلاقة بين الجامعة والأحزاب أو الطلبة والسياسة.
ان الأوضاع في معظم الجامعات مزرية وتكاد الجامعات تكون المساحات الوحيدة في البلاد التي ما تزال تعيش تحت الأحكام العرفية ولدخول الطلبة الجامعة صار انتقالاً من صف في المدرسة إلى صف آخر وأصبح إرث من الإنجاز الجامعي تكرس عبر سنوات من العمل الجاد صار مهدداً ويفترض أن تكون الجامعات وقد كانت ذات زمن ليس ببعيد مساحات للإبداع. لكن معظمها صار سجوناً محكومة بقوانين التنظيمات طلابية لا هدف لها سوى تحقيق سلطة على الجامعة ولا نتيجة سوى قتل الإبداع وتجذير الإحباط. لا حياة فكرية و لا حافز على لإبداع و لا ديناميكية تفتح أمام الطلبة آفاق التجارب. لا تمرد فكري ولا تشكيك بمسلمات نظام الحركي ولا أيّ من تعابير الطيش الثقافي والسياسي الذي يشكل جزءاً من محطات صقل شخصيات جيل يفترض أن تكون سنواته الجامعية أعوام تكوين شخصيته المستقبلية.
يرى الكثير من المختصين أن النظام يتحمل جزءًا كبيرا من مسؤولية العنف في الجامعات فقد ساهم في إفراغ الساحة الجامعية من كل النقاشات السياسية الجادة ويشتكي جزء من الطلبة المنتمين إلى قطب المعارضة من تعرضهم إلى تهديدات وحتى اعتداءات بسبب مواقفهم أو بسبب نشاطهم السياسي وانتمائهم الواضح داخل الجامعة.