في الوقت الذي اعتبر فيه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس أبو مازن، أن وفاة شمعون بيريز رئيس الكيان المحتل، ضربة لعمليات السلام، معربا عن حزنه وألمه لذلك، خرجت تأبينات اليمين الإسرائيلي الحاكم حاليا بمضامين مختلفة، تذكر بالعمل الكبير الذي قام به الرجال لخدمة إسرائيل وحقيقه دوره في إقبار أية إمكانية أو فرصة واقعية للتسوية السياسية للصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين.
التأبين الصادر عن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، أعاد للأذهان حقيقة أن بيريز كان وزير للحرب سنة 1974، حيث أنه هو من سمح لحركة “غوش إيمونيم” الدينية المتطرفة بالقيام ببنناء عدد من المستوطنات في أرجاء الضفة الغربية لأول مرة منذ أن تم احتلالها سنة 1967.
البيان الذي نقلته إذاعة “عروتس شيفع” المتحدثة باسم المستوطنين قال أن بيريز كوزير للحرب تحدى الرئيس السابق إسحاق رابين ومعظم الوزراء الذي كانوا معه والذين أبدوا اعتراضاتهم على بناء المستوطنات بعد أن أصر على إطلاق “مشروع الاستيطان في أرض إسرائيل”.
في نفس السياق قال البروفيسور آرييه إلداد، أحد قادة المستوطنين بالضفة الغربية أن بيريس هو الأب الحقيقي لمشروع الاستيطان في الضفة الغربية.
أما وزير الزراعة والاستيطان أوري أرئيل أحد أبرز قادة حزب “البيت اليهودي” الديني المتطرف، فقال أن حماس بيريس للاستيطان على الأراضي الفلسطينية وصل إلى حد وضع يده سنة 1976 على فكرة تحويل مستوطنة “نيتساريم” التي أقيمت جنوبي غزة، ففي مقابلة إذاعية له مع “راديو دون توقف”، قال أرئيل إن بيريس اقترح اسما لهذه المدينة أيضا والذي كان “غزة العليا” على غرار مستوطنة “الناصرة العليا” التي تمت إقامتها في محيط مدينة الناصرة.
ورغم أن بيريز يعتبر من طرف لإعلام العالمي “حمامة السلام” إلا أنه يعتبر في نفس الوقت من أكثر القادة الإسرائيليين حماسا لاستخدام القوة العسكرية ضد العرب والفلسطينيين، حيث يؤكد الكتاب ميخائيل بار زوهر، في كتابه “السيرة الغيرية” الذي ألفه عن حياة بيريز أن هذا الأخير يعتبر من أهم وأبرز الساسة الذي حثوا على شن حربي 56 و67 بالإضافة إلى تأييده المطلق والكامل للحملات العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي داخل وخارج مناطق سيطرته.
هذا كان بيريز قد توفي بعد أسبوعين من دخوله المستشفى في حالة صحية حرج بعد إصابته بجلطة دماغية، حيث أصدر رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامون نتنياهو بيانا أعلن فيه وفاة “رئيس دولة إسرائيل”.
بيريز الذي تأكد خبر وفاته من طرف إبنه تشيمي ورافي فالدان، زوج ابنته وطبيبه الشخصي، كان قد ولد في بولندا سنة 1923 وهاجر مع أسرته إلى فلسطين سنة 1937 حيث انضم إلى عصابات الهاغاناه سنة 1947 عندما كان في العشرينات من عمره.
شارك في عدة حروب في فلسطين ومصر ولبنان وجبهات أخرى كما كان من مؤسسي البرنامج النووي الإسرائيلي.
اتهم بارتكاب جرائم حرب أشهرها عمليها “عناقيد الغضب” سنة 1996 ضد لبنان، لكنه ورغم ذلك حصل على جائزة نوبل للسلام لدوره في اتفاقية “أوسلو”.
عاش بيريز حياة سياسية حافلة بالمناصب، منها رئيس الوزراء أهم منصب في البلاد وآخرها رئيس دولة إسرائيل وهو منصب رمزي في النظام السياسي لدولة الاحتلال.