في تقرير جديد لها، قالت مجلة جون أفريك الفرنسية أن التشكيلة الحكومية الجديدة لم تنبع عن قرارات توافقية أو تشاركية بين الأطراف السياسة، بل جاءت بأوامر صادرة عن السلطة العليا في البلاد، في إشارة إلى المؤسسة الرئاسية، حسب ما نشرت.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن الاختيارات التي قامت بها حكومة وزير التمويل السابق يوسف الشاهد المسماة مؤخرا من طرف رئيس البلاد الباجي قايد السبسي كانت بتوجيهات حاسمة من هذا الأخير، حيث كان الشاهد الذي كشف عن الخطوط العريضة لفريقه الحكومي مؤخرا قد أكد أنه وبعد 17 يوما من المحادثات والمفاوضات المكثفة، ظهر جليا أن تشكيل حكومة وطنية تضم كفاء ات منتمية لجميع الأطراف والفصائل السياسية المختلفة أمر يعد معادلة معقدة جدا، إن لم تكون مستحيلة بشكل كامل.
وذكرت “جون أفريك” أن المهمة الرئيسية للشاهد كانت هي إرضاء أكبر حزبين في تونس، حزب نداء تونس الحاكم والذي ينتمي إليه بجوار رئيس الجمهورية، وحركة النهضة الذي يبلغ عدد ممثليها في البرلمان التونسي إلى 69 نائبا، بالإضافة إلى بعض شركاء حزبه في الائتلاف السابق والليبراليين والاتحاد الوطني الحر مرورا إلى اليسار الديمقراطي وصولا ممثلي الاتحاد العام التونسي وبعض الأطراف الأخرى، مع ضرورة تأنيث بعض الوزارات وتجديدها والحرص على أن لا يكون الانتماء الحزبي هو المقرر لتوزيع الحقائب.
وأكدت المجلة الفرنسية على أن الحكومة الجديدة صبت في صالح حركة النهضة، حيث حازت الحركة ذات التوجه الإسلامي على 6 مناصب عليا مقسمة ما بين 3 حقائب وزارية و3 أمانات للدولة، ورغم ذلك كان مجلس الشورى أعلى مجلس تقريري في الحركة قد أبدى عن بعض التحفظات على قائمة الحكومة الجديدة، لأنها تضم بعض الإقصائيين المعادين للإسلاميين.
وكشف التقرير عن الوجوه التي لا تروق “النهضة”، كاليساري سمير بالطيب وزير الزراعة، المعروف بانتقاده الكبير والشديد لجماعة الإخوان المسلمين، ومجدولين الشارني شقيقة سقراط الشارني الذي تعرض للقل في جبل الشعباني بالإضافة إلى النقابي السابق عبيد البريكي، رغم تصويت الحركة لهذه الأسماء ومنحها الثقة.
وأكدت المجلة أن السبسي هو المسئول الأول والحقيقي عن تعيين الشاهد وعن جميع ما تم بعد ذلك من تحركات سياسية دون أن يولي أي اهتمام بخصومه، مضيفة أن السبسي استغل الصراع الداخلي في الاتحاد العام التونسي للشغل وفي حركة النهضة وتمكن أيضا من تهدئة الحماس الفوضوي “لإبنه”.
جدير بالذكر أن الرئيس التونسي الباجي القايد السبسي أعلن تغيير الحكومة التونسية السابقة بسبب الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تضرب البلاد، ما ساهم في زيادة نسب التضخم ومعدلات البطالة، في وقت بدأ فيه الشارع التونسي على عدم تقدم البلاد خطوة واحدة منذ خلع الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
لكن تعيين يوسف الشاهد لم يزد سوى في الاحتقان بعد اتهام السبسي بمحاولة إعادة نظام العائلة الحاكمة، لأنه تجمعه علاقة مصاهرة برئيس الحكومة الجديد، وهو ما نفته الرئاسة التونسية جملة وتفصيلا.