رغم الخلاف المعلن بين تل أبيب ودمشق واعتبار هذه الأخيرة أن قوة شرعيتها تأتي من اعتبارها عنصرا فيما يسمى محور الممانعة الذي تتزعمه روسيا للتصدي للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، أبدت دراسة إسرائيلية جديد الكثير من المخاوف من تداعيات كارثية على الأمن الإسرائيلي إذا ما وصلت سوريا إلى مرحلة التفكك الكامل وانهيار الوضع الاقتصادي.
وقال البروفيسور عيرن يشيف أستاذ الاقتصاد في جامعة تل أبيب، ومعد الدراسة، أن مسألة نهاية الأزمة السورية إلى مجموعة من الدوليات، كل دولية قائمة بذاتها هو أمر بعيد المنال، مضيفا أن ما سيحدث هو تحول سوريا إلى مناطق مختلفة خاضعة لسيطرة ونفوذ مجموعة من التشكيلات والفصائل المسلحة خصوصا في الوقت الذي أصبح فيه الوضع الاقتصادي يجد معقد نظرا لقلة الموارد.
الدراسة التي قام بإعدادها “مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” والتي قام بنشر على موقعه الالكتروني، قال إن خروج بعض المناطق في المحيط عن دائرة السلطة المركزية لنظام الأسد وتدهور الوضع الاقتصادي هناك، يمثل تحديا كبيرا لإسرائيل ومصدر تهديد كبير لأمنها القومي، مضيفة أن “نموذج الدولة الفاشلة” سيساهم بشكل أوتوماتيكي في توفير جميع الظروف التي ستسمح بنشوء العديد من التيارات الإسلامية “الجهادية”، وهو ما حدث في صحراء سيناء وقطاع غزة.
وقالت الدراسة أن الوضع الاقتصادي الحالي في سوريا صعب جدا، ذلك لأن حجم الإنتاج المحلي الإجمالي للشخص في البلاد، أقل ما هو عليه حتى في قطاع غزة المحاصر وفي الدول الإفريقية الأكثر فقرا، ذلك أن 85 بالمائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، فيما تعيش نسبة كبيرة على خط الفقر نفسه، فقبل الثورة السورية بلغ الناتج الإجماعي القومي للفرد 3000 دولار أي أقل ما ينتج الفرد في دول جارة كلبنان والأردن، أما حاليا فسوريا تتذيل قائمة دول العالم من حيث الناتج القومي الإجمالي.
وختم مركز الأبحاث الإسرائيلي أن أصحاب القرار في تل أبيب المتحمسين لتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة، ستسكشف بعد ذلك خطأ تقديراتها على اعتبار أن هذا الاختياري غير واقعي نظرا للأحداث الحالية، ذلك لأن النتيجة النهائية والعادية لسيادة الفوضى وعدم وجود نظام ولا اقتصاد قوي، لا يمكن إلا أن يسبب قلقا كبيرا وتهديدا لوجود إسرائيل كدولة.
هذا وكانت إسرائيل قد بدأت هي الأخرى تدافع عن مصالحها في سوريا، وتستعد لسيناريوهات محتملة تتمثل في سيطرة الجماعات الإسلامية على مناطق كبيرة في البلاد، فقد كان الجيش العبري قد أعلن عبر متحدثه العربي على تويتر، أن إسرائيل قصفت أهدافا داخل هضبة الجولان التي كانت قد احتلتها من سوريا في وقت سابق، بعد دخول بعض قوى الجيش السوري إلى المنطقة، معتبرة أن تل أبيب لن تسمح باقتحام حدودها، ولا تعريض “شعبها” للخطر في حين لم يرد النظام السوري على هذه الخطوة من إسرائيل.