أخرجت معتقلات الأسد العديد من الموتى جسدا وروحا والأحياء جسدا الموتى روحا، وقليل من الأحياء جسدا وروحا الذين اختاروا التطرف كالانضمام لتنظيم داعش الذي يضم داخله عشرات الخارجين من المعتقلات السورية خصوصا من سجن صيدنايا.
صحيفة “البيريوديكو” الاسبانية نشرت تقريرا وصفت فيه معاناة السوريين المعتقلين في سجون النظام، نقلت فيه شهادات حية دونتها منظمة العفو الدولية تحكي قصص أشخاص عاشوا بها ومعها حتى بعد أن استنشقوا هواء الحرية.
الصحيفة قالت في تحقيقها أن المناخ الصعب الذي يعيش فيه معتقلي النظام السوري جعل التضامن ضرورة من أجل الحفاظ على الحياة وذلك عبر تقاسم الطعام والمواساة لنسيان ما قد يحدث أو يحدث فعليا لذويهم وعائلاتهم.
وسلطت الصحيفة الاسبانية الضوء على بعض الأوضاع في سجن صيدنايا سيء السمعة الواقع بالقرب من العاصمة السورية دمشق، حيث قالت أن منظمة العفو الدولية وفي إطار حملتها التي دشنتها بداية شهر غشت الماضي ضد التعذيب في السجون، نقلت عدة شهادات مروعة من الناجين من هذا المعتقل الشديد، تحدوا فيها الظروف المناخية الباردة جدا في فصل الشتاء، وصبروا على مشاهدة تعذيب وقتل بعضهم في كل يوم، حيث أشارت “البيريوديكو” في تقريرها أن النظام السوري قتل حوالي 18 ألف شخص منذ بداية الثورة السورية سنة 2011 قضوا تحت التعذيب، وهو ما صنفته منظمة العفو الدولية جرائم ضد الإنسانية.
وعن القصص حكا قصة أحد الشهود الذي قال أنه ومنذ دخوله السجن كان يحاول أن يقنع نفسه أن كل ما يراه ليس أبدا شيئا أمرا واقعيا، هو أمر أشبه بفيلم رعب سيدوم عدة دقائق ثم ينتهي، ليقوم مستدركا: “لكن الأمر لم يكن خيالا ولا فيلم رعب، لم تكن له نهاية كما كنت أظن، كنت أمضي لحظات طويلة أضطر فيها إلى مشاهدة الحراس يعذبون المعتقلين لمدة ساعة دون توقف”
سجين آخر قال أن كل ما كان يشغل السجناء هو الطعام، كانوا يفكرون فقط في الطعام حيث كان النوم والاستيقاظ من أجل حلم واحد هو تناول الطعام.
وقال أحد السجناء في شهادته لمنظمة العفو الدولية أن قشور البرتقال وقشور البيض كان أفضل جائزة لملء بطون الجائعين، مضيفا أنه في أحيان كثيرة كان يتم وضع الأرز والحساء قشر البيض والبرتقال في قطعة من الخبز، معلقا :”الأمر مقزز لا شك، لكنه كان الحل الوحيد من أجل الحفاظ على الحياة والبقاء”، فيما قال البعض الآخر أنه في كثير من الأحيان كان يحتفظ بالوجبة التي كانت تقدم له بشكل جزئي حتى لا يبقى بالجوع لمدة 24 ساعة كاملة، وكان ذلك من وراء الحراس حتى لا يتم منعه من طعامه.
وقال التقرير أن عمليات من المقايضة كان تتم من وقت لآخر، للبقاء على قيد الحياة على حسب الحاجة، كتقديم أحد المعتقلين لزميله نصف حصته من الخبز والأرز مقابل حصة كاملة من الخبز يتم تعويضها في مدة لا تتجاوز الأربعة أيام حيث يتم اللجوء إلى هذه الآلية عندما يكون هناك شخص يحتاج لكمية أكبر من الأكل للحفاظ على تماسكه وذلك لمساعدة الجميع على الهروب من مخالب النفوق.
وذكرت الصحيفة أن هذه العمليات خلق جوا من التعاون بين السجناء، وصل إلى اقتراح البعض نيل حصة التعذيب بدل شخص آخر لن يطيق ذلك، لأن التضامن أصبح السلاح الوحيد “للبقاء على قيد الحياة”.