تقرير “طريف” ذلك الذي نشرته صحيفة “إيكونوميست” الأمريكية حول نوادر القضاء المصري معتبرة أن أرض الكنانة أصبحت “أرض العدالة الغربية” كيف لا والقضاء استدعى النيل للمثول للمحكمة.
وبدأت الصحيفة بالقول :” “أثناء حفلة موسيقية للمغنية شيرين عبد الوهاب، أحيتها في الإمارات العربية، طلب أحد المعجبين منها أن تغني أغنيتها المعروفة (مشربتش من نيلها)، فردت المغنية المصرية في مزاح عن النهر الملوث بشكل كبير (رح يصيبك بلهارسيا) من الأفضل أن تشرب (يفيان)”، معلقة :” كانت نصيحة معقولة، لكن الحكومة أكدت أن مياه النيل صالحة للشرب، مع أن الناس يلقون فيها المواد السامة، إلا أن تعليقاتها لم تعجب محاميا مصريا اسمه هاني جاد، فقام بتقديمها للمحاكمة، حيث ستقف أمام المحكمة في دجنبر”.
وتابعت “الإيكونوميست” :”في الكثير من الدول سيضحك الناس من القضية، فلم يقم أحد بتمثيل نهر في دعوى قضائية، إلا أن قضاة مصر عادة ما يقومون بتقييد حرية الرأي، ونشر نسخة من الوطنية التي تحمل معلما رهابيا”، مذكرة :” في عام 2014 قاموا بالتحقيق في دمية متحركة بعدما قام أحدهم بتقديم أبلة فاهيتا، التي ظهرت في إعلان سياحي لشركة (فودافون)، واعتبروا أن الإعلان يحمل شيفرات لعمليات إرهابية، واعتبروا أن الأسلاك الكهربائية التي تضيء (أنوار عيد الميلاد) هي أسلاك قنبلة مفخخة، وفيها إشارة إلى مركز تسوق ظهر في الخلفية، وتم رفض الدعوى القضائية، لكن ليس قبل التحقيق مع مديري (فودافون)”.
وأوضحت المصادر ذاتها :” يعرف عن المصريين حسهم بالمرح، إلا أن المحاكم يبدو أنها تفتقد حس المرح، حيث قدمت ابنة الرئيس المصري الراحل أنور السادات دعوى قضائية ضد فيلم هوليوودي (أحبك يا رجل)، الذي ظهر فيه كلب يحمل اسم الرئيس الذي اغتيل عام 1981، وقالت إن الفيلم الكوميدي يعد إهانة لوالدها ومصر، وطلبت منعه من العروض في دور السينما، وأدين أهم فنان مصري عام 2012 بإهانة الإسلام؛ لتصويره أصوليين في عدد من الأفلام”، منوهة :” في الحالة ذاتها اتهم بإهانة اللحى، وواجه رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس التهمة ذاتها، عندما غرد بصورة لميكي ماوس بنقاب، ولا تزال هذه الحالات منتشرة في ظل عبد الفتاح السيسي والنظام العلماني في الظاهر”.
واستطرد التقرير الغريب :” تمت إدانة مدون مصري لأنه أشار إلى أن ثلث المصريات يقمن بخيانة أزواجهن، وتم حبس روائي لأنه كتب رواية أدت لزيادة دقات قلب القارئ، وفي سبتمبر اختار المصريون (شيخ جاكسون) للمشاركة في مسابقة أوسكار، لكن الممثل الرئيسي واجه بعد شهرين دعوى قضائية بتهمة الإساءة للدين”، معلقة :” حتى المسكينة أبلة فاهيتا فقد وجدت نفسها مرة أخرى في المحكمة عام 2016؛ لأنها كانت تحمل فيلم (50 ظلا للرمادي)؛ نظرا للإيحاء جنسي”، مؤكدة :” شيرين عبد الوهاب اعتذرت، ووعدت بتجنب أخطاء ساذجة كهذه في المستقبل، ولكنها منعت من الغناء في بلدها” لتختم بالقول :” “المصريون يخبرون الزوار بأنه (اللي يشرب من النيل يرجعله تاني)، ويبدو أن العكس صحيح”.