تساءلت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن التغييرات الكبيرة التي تعيشها المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي بعد اعتقال العديد من الأمراء، إذ قالت أن هذه التغييرات قد تكون ثورة أو تكريسا لنوع جديد من الاستبداد.
وقالت الصحيفة في تقرير لها :” خارج مركز للتسوق في مدينة الرياض، كانت زينة فرحان تسير وحجابها على كتفها، عندما توقفت سيارة تابعة للشرطة الدينية إلى جانبها، فتجمدت من الخوف، وعندها أنزل أحدهم نافذة السيارة الخلفية، وقال لها بلغة هادئة: (يا سيدة لو سمحت هل من الممكن تغطية رأسك أثناء فترة الصلاة فقط؟)، فقالت: (حاضر)، ورد: (شكرا)، ومضت السيارة، وما حدث كان مدهشا”، مشيرة :” السبب هو أن فرحان (32 عاما) ظلت تخشى من الشرطة الدينية، التي تميزت بتوجيه الإهانات والسجن والجلد، و”رؤيتهم يتصرفون بهذه الطريقة تظهر كيف تغير البلد”.
وواصلت “الغارديان” :” الشرطة الدينية خسرت سلطتها خلال العام الماضي، ولم تعد لديها صلاحية لأن تعتقل أحدا، وتحديد ما هو الصح أو الخطأ، وصدر قرار الأسبوع الماضي يهدف إلى دمج الشرطة الدينية في قوات وزارة الداخلية، وهو المسمار الأخير في نعش المؤسسة التي ظلت مركزية في حياة الأجيال وتصرفاتهم الاجتماعية وتأكيد صورة متقشفة من الحياة”، مشددة :” ما كان يحيط بالمملكة من الغموض انكشف خلال الأشهر الستة الماضية، في سلسلة من التغيرات التي فككت العديد من ملامح الحياة في السعودية، فالتغيرات التي بدأها الملك سلمان ونجله هزت معظم زوايا المجتمع السعودي، وكان آخرها التحرك ضد النخبة التي كانت في الماضي عصية، حيث جرى احتجاز أكثر من 30 أميرا بتهم الفساد”.
كما نقلت الصحيفة عن مسئول سعودي قوله :” لا يمكن وصف ما حدث بأنه هزة للنظام، بل هو أكثر من ذلك”، وأضاف المسؤول، هذه رسالة إلى الناس هنا والعالم بأننا جاهزون للعمل، لكن بناء على شروطكم وليس على شروطنا، ويجب أن يثق المستثمرون ويأتون هنا للاستثمار وبشفافية”، لافتة :” في الوقت الذي لا يزال فيه الأمراء محتجزين في فندق الخمس نجوم “ريتز كارلتون”، فإن المواطنين السعوديين يحاولون فهم ما يجري، والتحول من الطريقة التي أدارت فيها المملكة تعاملاتها خلال العقود الماضية”.
وأكدت “تايمز” :” في بلد ظل يحكم من خلال الإجماع بين أبناء مؤسس الدولة الملك عبد العزيز والقبائل، فإن اعتقال الأمراء يعبر عن الحكم الجديد الذي يضاف إليه إصلاحات اجتماعية، والسماح للمرأة بقيادة السيارة، بالإضافة إلى التأشيرات السياحية”، مودة :” لرسالة هي أن كل ما كان في السعودية لم يعد قائما”، واصفا ما حدث بـ”الثورة”، وأضاف: “الوضع حساس، ويحب أن نتحلى بالصبر حتى تهدأ الأمور”.
وشدد التقرير :” ما يميز الإصلاح الثقافي هذا هو تعهد ابن سلمان بالعودة إلى الإسلام المعتدل، ما يعني فك التحالف الذي وقعه أجداده مع الوهابيين في القرن السابع الثامن عشر مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مشيرا إلى ما قاله ولي العهد بأن التشدد بدأ يتمكن في السعودية بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وقال: “لم نعرف كيف نتعامل معها”، وقال ابن سلمان في حديث سابق مع “الغارديان”: “من ثم انتشرت حول العالم، وحان الوقت للتخلص منها”، مشيرا :” لا يوجد حاكم حاول أن يتحدى التعايش الذي قام بين الحكام ورجال الدين، مستدركا بأن الباحث غير المقيم في المجلس الأطلسي أتش إي هيللير، علق قائلا إن التغير في اللهجة لا يعني تخلي حكام السعودية الجدد عن الوهابية، وأضاف: “التغير على المستويات الفلسفية بشكل لم تعد معه المؤسسة الدينية وهابية يعد تحولا كبيرا، وأنا لست متأكدا من أن (أم بي أس)، كما يعرف، مهتم بهذه المواجهة”.