منذ سنتين، بالتمام والكمال ظهر محمد بن سلمان، الذي كان وليا لولي العهد آنذك في المشهد السياسي السعودي، لتظهر معه سياسة متكاملة أعلن عنها في ظل ظروف سياسية واقتصادية متوترة في المنطقة.
ونشر موقع “بلومبيرغ” البريطاني تقرير حول ما مدى نجاح بن سلمان في تطبيق رؤيته، إذ أفاد :” قد يعذر الزوار الذين يزورون المملكة للاعتقاد أنه ليس فيها سوى أمير شاب فعال، فصوره وهو يحمل أطفالا ويشرب القهوة ويقابل الجنود، أو يجتمع مع قادة الدول الأقوياء على التلفاز، وفي الشهر الماضي عرضت بالليزر صورة ضخمة له على ناطحة السحاب في الرياض، ضمن احتفالات اليوم الوطني السعودي، وبرز الأمير البالغ من العمر 32 عاما دون منازع، ليقوم بخطوة لم تشهدها البلاد في تاريخها، وهي تحويلها من دولة تعتمد على البترودولار إلى دولة تستطيع النجاة في القرن الحادي والعشرين ما بعد النفط”، مشيرا :” خطة التشكيل الكبيرة تقتضي الاستثمار في صناعات جديدة، وخلق فرص عمل للشباب السعودي، وبيع حصة من شركة النفط العملاقة “أرامكو”، وإنشاء أكبر صندوق سيادي في العالم”، ليستدرك بالقول :” بعد عامين من الإعلان عن خطة التحول، فإن المسؤولين يتصارعون مع سؤال حول كيفية توفير المال، وفي الوقت ذاته تسريع التغييرات الاجتماعية دون شل الاقتصاد، والتصادم في الوقت ذاته مع المؤسسة الدينية، ولهذا السبب قامت الحكومة قبل رفع الحظر عن قيادة السيارات للمرأة باعتقال العلماء المستقلين والناشطين الآخرين”.
ونقل امتقرير عن لويد بلانكفين، المدير التنفيذي لـ”غولدمان ساكس إنكفي” قوله :” هذا تحد كبير للبلد، وسيترك تداعيات عظيمة على العالم”، مشيرا إلى أن في الوقت الذي يجب فيه أن تكون هناك حاجة ملحة، فإن هناك أيضا يجب الحذر؛ حتى يؤدي التغيير الذي تحتاجه البلاد لتحقيق الاستقرار من جهة لزعزعته من جهة أخرى، ومن هنا، فإن الفشل في الحصول على الأجوبة الصحيحة سيترك البلد معلقا ء ملكية مطلقة بمصادر تتراجع لتدعم نسخة غير مستقرة من الرأسمالية، ومن هنا سيشعر السعوديون بالقلق، وسيتوقف الاقتصاد”، كما نقل عن محمد الجدعان، وزير المالية السعودي قوله :” الدولة قد تقوم بقطع الدعم عن السلع الرئيسية بطريقة تدريجية لتخفف أثرها على المجتمع، مشيرا إلى أن سلسلة من المقابلات التي أجراها الموقع مع عدد كبير من المستثمرين والمحللين ومديري الشركات والدبلوماسيين ومستشاري الحكومة، أظهرت أن الاقتصاد لا يترنح من تخفيض النفقات، التي تبعت انهيار أسعار النفط، والمواجهة مع قطر، التي تعد عرضا جانبيا مكلفا”.
وشدد التقرير :” من أجل تجنب تراجع كارثي في الأموال، فإن الأمير ومستشاريه قاموا بإلغاء المشاريع التي رأوا أنها غير ضرورية، وتم وقف الدعم المكلف وكذلك الدفع للمتعهدين، مستدركا بأنه رغم اعتبار سياسة التقشف ضرورية لوقع العجز الضخم في الميزانية، إلا أنها تركت أثرا واضحا على النمو الاقتصادي، الذي سادته حالة من الركود، خاصة في القطاع غير النفطي، وتراجعت في الوقت ذاته ثقة المستهلك، وانخفضت مصاريفه، وزادت نسبة البطالة بين السعوديين بثلاثة أرباع، خاصة بين من هم تحت سن الـ40 عاما، وتأثر العقد الاجتماعي التقليدي، الذي كان يقوم من خلاله الحاكم بالإنفاق وبكرم لاسترضاء مواطنين يعيشون في ظل قيود مشددة”، منوها :” العائلة المالكة لم تبد استعدادا لمشاركة المواطنين في الأعباء، ففي الزيارة الأخيرة التي قام بها الملك سلمان لروسيا، رافقه فيها 1500 من الحاشية، وسلم من الذهب وسجاده الخاص، وحجز فندقين راقيين في موسكو، بحسب أشخاص علموا بتفاصيل الزيارة”.
وحول الجانب الاجتماعي، أفاد “بلومبيرغ”: اليوم الوطني شهد رقص شباب وشابات سعوديين على وقع الموسيقى وصوت “دي جي”، وهو أمر لم يكن متخيلا في المملكة، حيث تحتوي المطاعم على صالات خاصة بالرجال وأخرى للنساء، مشيرا إلى أنه في زيارة الملك سلمان لروسيا تم عرض ثلاثة أفلام لمخرجين سعوديين، منها واحد حصل على جائزة في مهرجان دبي للأفلام، وبالنسبة للمخرج أيمن جمال (45 عاما)، الذي تحول لصناعة الأفلام بعدما عمل في البنوك، فإن رؤية 2030 هي “العصر الذهبي” لصناعة الفيلم الناشئة في المملكة، حيث يقول: “لقد خلقت الرؤية فرصا ونماذج جديدة وقطاعات، لكنها خلقت تحديات للتقليديين، سواء من ناحية نماذجهم التجارية، أو الهامش الكبير””، نقلا عن ياسر الرميان، أحد المقربين من بن سلمان قوله :” التفاؤل هو صورة عن القبول لرؤية 2030 بعد الرفض القوي لها، فيما يقول آخرون، مثل مدير شركة حاجي حسين علي رضا وشركاه، التي تبيع العربات بأنواعها كلها، علي رضا، إن هناك ميلا للتعلم من الأخطاء بدلا من التغطية عليها، ويضيف رضا: “ما شاهده القطاع الخاص هو أن الحكومة لا تعرف كل شيء، وأن بعض القرارات التي اتخذت ألغيت”.