أثار قرار الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز بإنهاء حظر قيادة المرأة للسيارة، الكثير من ردود الفعل سواء السلبية أو الإيجابية، وهو ما جعل العديد من التقارير الغربية تتساءل عن سبب اختيار هذا التوقيق لاتخاذ هذا القرار.
وقالت صحيفة “نيو ريليك” في تقرير لها حول الموضوع :” تعلمت القيادة في شوارع كراتشي، وكانت مدربة القيادة امرأة، بناء على إصرار والدي، وكانت تأتيني كل يوم بسيارتها الخاصة للتعليم، التي أضيفت لها دواسة كابح ودواسة قابض (كلاتش) في جانبها، لم تكن أكبر مني بكثير، لكن تعلمت بسرعة لأنها كانت جريئة تجوب شوارع المدينة بذكاء وكياسة لم تكن موجودة لدي، ومرت عندما علقت السيارة في بركة ماء تجمعت بسبب عاصفة مطرية أصابت كراتشي، طلبت مني أن أفتح الباب وأنظر إن كان الماء بعيدا عن الباب بوصتين فأكثر فإن ذلك يعني أن من الممكن الاستمرار في القيادة، وكان الأمر كذلك وأكملت”، مشيرا :” قراءة مذكرات منال الشريف (الجرأة على قيادة السيارة.. صحوة امرأة سعودية)، أعادتني إلى تلك الأيام، وذكرتني كم يمكن للشجاعة أن تكون معدية، في 2011 جلست الشريف خلف المقود في سيارة أخيها، وجرؤت أن تقودها في الشارع في السعودية، ولم تكن الأولى لتحتج على حظر المملكة لقيادة النساء للسيارات: فقد اعتقلت 47 امرأة للقيام بالفعل ذاته عام 1990، لكن الشريف قامت بتسجيل ذلك على فيديو ووضعته على (يوتيوب)، وخلال ساعات وصلت مجموعة من الشرطة السرية إلى شقتها، وحملوها في الفجر إلى سجن النساء، حيث بقيت فيه لتسعة أيام قادمة، وعادة ما تستخدم هذه السجون للنساء المهاجرات غير الشرعيات، اللواتي يخدمن السعوديين وليس للسعوديات، وخرجت الشريف من هذه المحنة أقوى، ومصممة على أن تحصل على حرية النساء في قيادة السيارة من الدولة السعودية الظالمة”.
وتابعت الصحيفة :” حديثا حققت انتصارا، حيث أصدر الملك مرسوما ملكيا يرفع الحظر المفروض بشأن قيادة النساء للسيارات، فأصبح بإمكان النساء السعوديات الحصول على رخص قيادة السيارات، وقيادة السيارات دون وجود محرم، وقالت الشريف، التي تعيش الآن في البرازيل، في مقال لها، إن الملك هو الوحيد الذي استطاع وضع حد لاعتراضات رجال الدين الذين منعوا المرأة من قيادة السيارة لعقود، وقالت إنها تتطلع لقيادة السيارة في السعودية”، لافتة :” الشريف لم تسع لأن تكون ثائرة، وتقول إنها كونها شابة لم تفعل أكثر من أنها حصلت على وظيفة، وحتى تلك كانت خطوة كبيرة، فلم تكن في العائلة امرأة أخرى تعمل، وأبقى والداها هذا الموضوع سرا، ولم يخبرا أي فرد من العائلة.. كان أبوها يعمل سائق سيارة أجرة ينقل الحجاج في مكة، وكانت العائلة تعيش في شقة على طرف أحد الأحياء الفقيرة، وكانت روائح المجاري تفوح في الطرقات، ولم يزرهم أقاربهم بشكل عام، ولم يكن الأمر لفقرهم فقط، بل لأن الأب كان متزوجا من أجنبية، حيث كانت زوجته ليبية، فلم يسمح لها ولا لأولادها بأن ينسوا ذلك، وكان أبناء وبنات عم الشريف يشيرون إليها بـ(المصرية). تجربة العيش هذه على الهامش جعلتها أقل من راضية عن الوضع السائد، وكما تشير عادة في مقابلاتها (لا يعيش كلنا حياة فارهة.. مدللات كالملكات)”.
وواصل “نيو ريببلك”: “في الوقت الذي أدى كون الشريف غريبة لجعلها حساسة لأثر قهر المملكة للنساء السعوديات، فإنها لا تعير اهتماما كثيرا لنساء أجنبيات أخريات يعانين في ظل النظام ذاته، وعندما سجنت، اجتمعت السجينات حولها يسألنها: (أنت سعودية؟ أنت سعودية؟) هذه النساء في الغالب خادمات اضطررن لترك بيوتهن في سريلانكا والفلبين وأندونيسيا والصومال والهند بسبب الفقر للعمل في بيوت السعوديين الأثرياء، ويصدمن لرؤية سعوديات في السجن، حيث هناك 7 سعوديات فقط من 168 امرأة في السجن، وأربع منهن في احتجاز مؤقت ولا يقضين حكما، ولا تعلق الشريف على هذه الأرقام، كما أنها لم تختلط سوى بسجينة سعودية خلال الأيام التسعة التي قضتها في السجن”، معلقة :” قد يكون هذا انتقادا بسيطا لكنه مهم، ففي السعودية أن يوصف المرء بأنه (سعودي) مصطلح محلي، حيث لا يتوفر هذا إلا لمن كان أبوه وجده سعوديين، وهذا يعني أن العمال الوافدين إلى السعودية، مثل النساء اللواتي قابلتهن الشريف في المعتقل، لا يمتلكون المواطنة، وتم إعدام عدد منهن في السنوات الأخيرة بتهم قتل أطفال في رعايتهن دون تحقيق أو محاكمة أو محام”.