بدأ تنظيم الدولة داعش، وبعد طول مقاومة لقوى التحالف الدولي، برفع الراية البيضاء إيذانا ربما بنهاية ذلك التنظيم الذي ملأ الدنيا و”أرعب” الناس.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا مفصلا يتحدث عن استسلام أعداد كبيرة من مقاتلي تنظيم الدولة بمدينة الحويجة العراقية، بعد أن قاموا بتسليم أنفسهم لقوات البيشمركة الكردية، إذ تقوم القوات الكردية في الوقت الحالي بالتحقيق معهم.
وقال التقرير :” تم جلب أربعة رجال ربطت أيديهم من الخلف، وأمروا بالوقوف ووجوههم إلى الحائط، في انتظار دخول غرفة التحقيق، ومن ذلك المركز على مدى الأسبوع الماضي حوالي ألف من مقاتلي تنظيم الدولة، الذين سلموا أنفسهم بعد الهروب من معقلهم في الحويجة، لافتا إلى أن “هذا أمر غريب بالنسبة لتنظيم يدعي مقاتلوه أنهم يفضلون الانتحار على الاستسلام، ولكن التنظيم عانى من سلسلة من الهزائم في العراق وسوريا”.
وتابعت “نيويورك تايمز” :” معركة الموصل استمرت تسعة أشهر، في حين لم تأخذ استعادة تلعفر سوى 11 يوما، حيث استسلم 500 من مقاتلي تنظيم الدولة، أما الحويجة، فاستغرق الأمر 15 يوما، منها 3 أيام قتال شديد، وبعدها بدأ مقاتلو التنظيم بتهريب عائلاتهم خارج المدينة”، كاشفة :” استسلموا للبيشمركة أخدت منهم أحذيتهم، وفرغت جيوبهم، وأخذت أحزمتهم، وربطت أيديهم للخلف، وكانت بقع ملابسهم توحي بأنهم لم يستخدموا المراحيض لعدة أيام”.
وأكد التقرير الأمريكي :” رائحة قوية كانت تصدر عن أحد هؤلاء الرجال، حتى أنه عندما أدخل إلى غرف التحقيق الصغيرة، فوجئ المحققون الجالسون فيها، وبالرغم من صغر جسمه، إلى أنه بدا أكبر من حجمه الفعلي، وقام المحقق بفك مسدسه وإمساكه بيده اليمنى، وكان المحققون خائفين منه، بالرغم من أنه مقيد اليدين، وكان شعر الرجل أسود طويلا يصل إلى كتفيه، أما وجهه الذي بدا وسيما فلم يكن به سوى شعر قليل، وسأله أحدهم: (أين لحيتك؟)، حيث يطلب تنظيم الدولة من الرجال جميعهم إطلاق لحاهم، فأجابه وقد بدا عليه الإحراج: (عمري 21 عاما فقط ولم ينمو شعر لحيتي بعد)”، لافتا :” المحققون الأكراد سمحوا للصحافيين بإجراء مقابلات مع عدد من مقاتلي تنظيم الدولة الذين سلموا أنفسهم، ووصلوا إلى المركز المحلي للمخابرات الكردية في بلدة دبس بالقرب من الخطوط الكردية الأمامية مع الحويجة، لكن المقابلات جرت تحت رقابة ضباط المخابرات”.
وشددت الصحيفة :” العديد من المقاتلين ادعوا أنهم كانوا مجرد طباخين أو كتبة، وكثير منهم قالوا للمحققين إنهم انضموا لتنظيم الدولة لشهر أو شهرين، فظن المحققون أنه تم تدريبهم على قول ذلك في التحقيق، وبالرغم من أن الحويجة شهدت أبشع عمليات القتل الموثقة بالفيديو، خاصة لسجناء أكراد خلال ثلاث سنوات من الرعب، إلا أن السجناء يدعون أنهم لم يشهدوا أي قطع للرؤوس أو يسمعوا بها”، مشددا :” بدا اعتراف الشاب غير الملتحي، بأنه كان عضوا في التنظيم وقاتل معه لمدة عامين مع أعضاء آخرين من عائلته استثنائيا في البداية، وأعطى اسمه ميثم محمد مهيمن، وكان يجلس في كرسي بلاستيكي أحمر، ويداه خلفه، ومع ذلك بقي المحققون الأكراد على مسافة منه؛ خشية أن ينقض على أسلحتهم، وقال خلال المقابلة إنه من الحويجة، وإنه انضم للتنظيم لأنه كان يؤمن برسالته، ولأن شقيقه الأكبر انضم إلى التنظيم، وبسبب المئة دولار التي كان يتقاضاها، وهو أفضل ما كان متوفرا”.
ونوهت “النيويورك تايمز” :” مهيمن وصل إلى دبس يوم الخميس مع 8 من زملائه، 7 عراقيين و مصري، بعد إلقائهم للسلاح في الحويجة صباح ذلك اليوم، مشيرا إلى أنه منذ بدء الهجوم العراقي على الحويجة، اختبأ هؤلاء المقاتلون في خنادق في الأرض ليتجنبوا قصف الطائرات الأمريكية والقوات العراقية المتقدمة، حيث مرت عليهم أيام دون أكل أو مرافق صحية”، مذكرا :” “والي الحويجة” طلب أخيرا من الرجال أن يسلموا أنفسهم للبيشمركة الكردية؛ للهروب من الجيش العراقي الزاحف والمليشيات الشيعية المدربة إيرانيا، مليشيات الحشد الشعبي، المشهور عنها قتل مقاتلي الدولة وعائلاتهم معهم، حيث قال مهيمن: “قال لنا الوالي أن يحل كل واحد منا مشكلاته وحده .. وقال اذهبوا إلى البيشمركة وليس للحشد”، وأنكر مهيمن أنه شاهد عمليات قطع رؤوس، لكنه اعترف لاحقا بأنه حضر إحداها؛ لأنه أمر بذلك، وقال: “كنت خائفا.. لم أر شيئا مثل ذلك في حياتي”.