قامت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا تفسيريا للمرسوم الملكي السعودي، الذي قرر السماح للسيادات السعوديات بقيادة السيارة، وهو الأمر الذي كان ممنوعا منذ تأسيس المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها سنة 1932، وهو الموضوع الذي كان محل نزاع بين التيار الديني المحافظ والتيار الليبرالي.
وقالت الصحيفة الفرنسية في تقرير لها :” المملكة التي يسودها الفكر الوهابي، كانت آخر دولة في العالم تمنع مواطناتها من قيادة السيارة. وفي نهاية المطاف، جاء هذا المرسوم الملكي، بعد صراع دام لعقود، ليبطل ما سبق من قرارات، وربما بهدف تحسين صورة المملكة لدى الرأي العام العالمي”، موضحة :”هذا المرسوم يعتبر دعوة لمساهمة المرأة في برنامج التحديث الاقتصادي والاجتماعي، الذي دعا له ولي العهد محمد بن سلمان”، مستطردة :” وفي هذا الإطار، قالت عضو مجلس الشورى، هدى الحليسي، “إنه يوم الأمل، فلن نحتاج اليوم لسائق حتى نتنقل. وسيسمح للمرأة السعودية بأخذ مكان أكبر في المجتمع وفي الاقتصاد السعودي. لقد حان الوقت لذلك”.
وتابعت “لوموند” :”وبما أن الملك يدرك جيدا المقاومة الشرسة التي سيتعرض لها مرسومه، فقد حرص على أن يحظى قراره بمساندة هيئة كبار العلماء، أعلى سلطة دينية في البلاد”، مبينة :” أصحاب الفكر المتشدد يرون أن قيادة المرأة للسيارة سيضر بالنظام العام. فهم يعتقدون أنه بحظر جلوس المرأة خلف مقود السيارة يمنعون الاختلاط والانحلال؛ الذي يمكن أن يحدث في حال تحركت المرأة بحرية. وبالتالي، سيتمكنون من حماية العائلة السعودية من التفكك والتفسخ. وقد بلغ الأمر ببعض دعاتهم أن صرح بأن جلوس المرأة خلف المقود يضر بمبايضهن ويضعف قدرتهن على الإنجاب”.
وأكد التقرير الفرنسي :” تاريخ هذا الصراع يعود إلى 6 نونبر 1990، عندما خرجت 47 امرأة في الرياض على متن 15 سيارة، في قافلة جابت الشوارع، مستغلات بذلك الوجود الغربي في المملكة قبيل حرب الخليج. وقد حصلت هؤلاء النسوة على رخص القيادة الخاصة بهن من دبي ومن بعض الدول الغربية”، مشددة :” وفي هذا السياق، قالت خاتون الفاسي، المدافعة عن قضايا المرأة في المملكة، وهي تتذكر وقائع ذلك اليوم: “لقد تعرضنا للمهانة من الجميع في هذه البلاد، بعضنا فقدن عملهن، وبعضنا الآخر اعتقلن، بينما سحبت من بقيتنا جوازات السفر، ولكن على الرغم من كل هذا لم نوقف المعركة”.
وواصلت المتحدثة ذاتها :” المرأة السعودية قد استفادت من وصول الملك عبد الله، “المصلح الحذر”، لكرسي العرش سنة 2005، والذي فتح لهن الأبواب العريضة لدخول مجلس الشورى سنة 2013″، موضحة :” صعود الأمير محمد بن سلمان منذ سنة 2015، قد سرع في نسق منح السعوديات لبعض الحقوق. وكجزء من سياسته الإصلاحية في تطوير وسائل الترفيه في المملكة، نظم الأمير العديد من العروض بحضور مختلط. ويوم السبت 23 شتنبر، نظمت السعودية حفلا بالعيد الوطني حضرته النسوة، وهي سابقة تاريخية شهدها ملعب الملك فهد”، مستطردة :” هذا القرار له أبعاد اقتصادية، خاصة مع تراجع أسعار النفط، وهو ما فرض على بعض العائلات متوسطة الدخل البحث عن مصدر دخل إضافي لتغطية نفقاتها. لذلك، من المتوقع أن منح المرأة حرية التنقل سيسمح لها بالعثور على عمل، ناهيك عن أنه سيريحها من مغبة البحث عن سائق خاص أو سيارة أجرة”.
وتحدثت الصحيفة عن البعد السياسي لهذا القرار، إذ وضحت :” البعد السياسي لهذا المرسوم الملكي، الذي تزامن إصداره مع تنفيذ حملات الاعتقال التي استهدفت الإصلاحيين والدعاة، حيث اعتقلوا بوحشية من منازلهم، وكان ذنبهم الوحيد أنهم لم يدعموا موقف حكومتهم من قطر”، مذكرة :” معركة النساء السعوديات لم تنته بعد، إذ ستكون خطوتهن القادمة بعد تحقيق هذا الهدف، رفع وصاية الرجال عليهن، ذلك أن المملكة تمنع النساء من السفر أو الزواج دون موافقة الوصي، مثل الأب أو الأخ أو الزوج”.