قامت صحيفة “لاكروا” الفرنسية بنشر تقرير حول موازين القوى التي ستتغير بالتأكيد في كل من سوريا والعراق، وذلك بعد أن تراجع نفوذ تنظيم الدولة “داعش” بشكل كبير في البلدين بسبب الحملات العسكرية التي شنت عليه.
وقالت الصحيفة في تقرير لها :” تراجع عناصر تنظيم الدولة في سوريا والعراق فتح الطريق أمام محاولة تغيير موازين القوى في المنطقة”، مضيفة :” في الواقع، لا تُنبئ هزيمة هذا التنظيم في معاقله بانفراج الأزمة، حيث توشك معارك أخرى، سياسية وليست عسكرية، على الاندلاع بهدف تقسيم السلطة في المناطق المحررة من المتطرفين. فقد غذت عمليات استرجاع هذه الأراضي طموحات قديمة للحكم والسيطرة، الأمر الذي منع عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل تدخل هذه المنظمة الإرهابية”.
وأكدت “لاكروا” :”عملية تركيز نظام كردستاني في هذه المناطق. وفي الغالب، يعكس واقع مدينة منبج السورية، التي يقطنها حوالي 100 ألف نسمة، ما قد تؤول إليه الأمور في الرقة، عاصمة تنظيم الدولة السابقة، حيث ما فتئ المتطرفون ينسحبون يوميا. ومنذ القضاء على ما بقي من الإرهابيين في شهر أغسطس سنة 2016، حل نظام جديد محل كابوس تنظيم الدولة في منبج، يزدان بالألوان الكردية”، مذكرة :” من المفترض أن يُمثل “المجلس المدني”، الذي يحكم المدينة، كافة السكان، إلا أن الأكراد يحتكرون السلطة الحقيقية في صلبه، في حين أن الشرطة خاضعة لنفوذهم. ونظرا لدورهم في تحرير المدينة من ناحية وحمايتها من عناصر تنظيم الدولة من ناحية أخرى، أنشأ الأكراد الذين ينتمون بالأساس لوحدات حماية الشعب نظاما كرديا”، لتستتطرد بالقول :” التطور التدريجي لإقليم كردستان وإدارته على الحدود التركية قد أثار غضب هذه الجارة. في الحقيقة، ترى تركيا في قوات سوريا الديمقراطية مجرد تمثيل لحزب العمال الكردستاني، عدوها اللدود الذي تُصنفه على اعتباره منظمة “إرهابية”. في المقابل، لا يُمكن لأنقرة أن تتدخل دون خوض مواجهة مع الولايات المتحدة التي تسلح وتدعم هذه القوات لمحاربة تنظيم الدولة”.
وتطرق التقرير لموقع النظام السوري وسط كل هذه التغيرات، إذ أفاد :” في الأثناء، لا ترى دمشق أي خطر أو تهديد في تنامي النفوذ الكردي على الأراضي السورية، على الأقل في الوقت الحالي. وفضلا عن تنظيم الدولة، تُحارب سوريا العديد من الأعداء من إرهابيين أو ثوار”.
وحول الوضع في العراق أفادت الصحيفة :” على الجانب الآخر من الحدود، أي في العراق، أيقظت الحرب ضد تنظيم الدولة التطلعات الدفينة للأكراد أيضا. ولكن في الوقت الذي يبدو فيه مشروعهم ضبابي الملامح في سوريا، إلا أن هدفهم في الجانب العراقي واضح وصريح، ألا وهو الاستقلال”، مبينة :” في حال وافق الأكراد على الاستقلال، وهو أمر محتمل للغاية، لن يكون التطبيق بشكل فوري، خاصة وأن المشاورات بشأن هذا الموضوع، تُثير ذعر أطراف عديدة”.
وختمت الصحيفة :” تركيا وإيران، متخوفتان من أن تستوحي الأقلية الكردية الموجودة على أراضيها فكرة الاقتراع اقتداء بأكراد العراق. من جانب آخر، تشعر الولايات المتحدة، التي تدعم الأكراد في العراق بشدة، بالقلق إزاء اندلاع مواجهات بين بغداد وأربيل (عاصمة المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي)، ما من شأنه عرقلة الحرب ضد تنظيم الدولة”.