ارتفعت وتيرة الجدل الذي اندلع في لبنان حول مضمون الاتفاق الذي عقده حزب الله مع تنظيم داعش وعن ظروف المفاوضات والأطراف الإقليمية، وربما الدولية التي ساهمت به، والذي أدى إلى الكشف عن مكان دفن ثمانية عسكريين لبنانيين مخطوفين قتلهم تنظيم داعش. وبناء على الاتفاق فقد تم نقل أكثر من 300 مسلح من تنظيم داعش انسحبوا من شرق لبنان باتجاه الحدود اللبنانية السورية إلى مدينة البوكمال السورية في ريف دير الزور الشرقي وترددت أنباء عن أن تفاصيل الصفقة شديدة التعقيد إلى درجة أنه لا يعقل أنها قد أبرمت في ساعات.
وتقول مصادر مطلعة إن الاتفاق الذي قضى بنقل المئات من المقاتلين والمدنيين إلى منطقة البوكمال على الحدود العراقية السورية، يحتاج إلى تجهيزات لوجيستية ومراقبة ميدانية دقيقة شاركت بها أطراف فاعلة ونافذة في الميدان السوري. وتكشف المعلومات أن الاتفاق الذي أبرمه حزب الله وافقت عليه السلطات السورية وفق بيان صدر عن دمشق، دون أن يعرف أي دور لعبته موسكو وواشنطن في مسألة يفترض أنها جزء من الحرب ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، علما أن إخلاء قوات داعش مع المئات من المدنيين باتجاه الحدود العراقية السورية يمثل خطرا على العراق الذي تخوض قواته حربا ضد التنظيم في تلعفر، فيما تلوح استعدادات أخرى لتطهير الأنبار من هذا التنظيم.
فغموض كبير أحاط عملية التفاوض بين “حزب الله” و”داعش” في الجرود، التي أفضت إلى انسحاب أكثر من 600 مقاتل من عناصر التنظيم إلى البادية السورية مقابل تسليم جثامين شهداء الجيش وعدد من جثامين “حزب الله” والأسير أحمد معتوق، فيما الموقف العقائدي لـ”الدولة الإسلامية” يمنع منعاً باتاً التفاوض مع “الأعداء” والانسحاب من المعارك ومبادلة الأسرى. خطوة “داعش” في الجرود تطرح علامات استفهام، منها كيف قبلت “الدولة الإسلامية” أن تفاوض “حزب الله” العدوّ الذي ينبغي أن يكون الأول لها؟ أم أنّ القيادة في الرقّة لم تكن ضمن الاتفاق؟ ولماذا لم تتبنّ قيادة التنظيم إلى هذه اللحظة العملية على مواقعها الإلكترونيّة ؟وهل داعش لعبت دور الخنجر المسموم في ظهر ثوار سوريا بدعم من إيران وحزب الله ؟؟؟ التاريخ هو الكفيل الوحيد بالإجابة على كل هذه الأسئلة.