باتت الأوضاع في بلدة العوامية الشيعية في المملكة العربية السعودية تثير الكثير من التساؤلات حول سياسة الرياض في التعامل مع شيعتها بعد تطور مشاكلها مع إيران الشيعية.
ونشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا حول الوضع في العوامية، إذ أفادت :” إيران يجب أن تبدأ في الجبهة الداخلية، وينقل عن أحد مواطني العوامية في شرق السعودية، قوله: “نحن خائفون، ولا نستطيع ترك بيوتنا، ومعظم المحلات مغلقة أو احترقت”، وأضاف: “أي شيء متحرك أصبح هدفا”، وكان يشير إلى المواجهات القاتلة التي شهدتها البلدة خلال الأشهر الماضية بين قوات الحرس الوطني والمسلحين من أبنائها”، مشيرة :” العنف بدأ في أيار/ مايو، عندما بدأت قوات الأمن بخطة هدم حي المسورة التاريخي في البلدة؛ من أجل بناء مشروع جديد، حيث واجه الحرس الوطني مقاومة مسلحة من عدد غير معروف من الرجال، معظمهم تحاول الحكومة البحث عنهم منذ عام 2012؛ بسبب مشاركتهم في التظاهرات، لافتا إلى أن العنف زاد عندما تم إغلاق البلدة بشكل كامل في يوليو”.
ولفتت الصحيفة :” منظمة “هيومان رايتس ووتش” تحدثت إلى خمسة طلاب من العوامية، ممن لم يتعاطفوا مع المسلحين، لكنهم حملوا قوات الحكومة مسؤولية استفزاز قتال طويل لم يكن له داع، وزعموا أن قوات الحرس الوطني كانت تطلق النار بطريقة عشوائية، أو تعتقل أي شخص يخرج من بيته، حتى لو كان من منطقة بعيدة عن حي المسورة”، متابعة :” الحكومة سارعت بتحميل “الإرهابيين” مسؤولية العنف، مستدركا بأن جذوره عميقة، حيث يقول ناشطو حقوق الإنسان في السعودية إن التمييز ضد سكان المنطقة التي يعيش فيها الشيعة، الذين يشكلون نسبة 10/15% من عدد السكان، عادة ما يؤدي إلى إشعال التوتر الطائفي، ويؤدي إلى موجات متقطعة من العنف”.
وعلقت المجلة على هذه الأمور بالقول :” العداء والشك من الدولة السعودية والمؤسسة الدينية وبعض السكان تجاه السكان الشيعة يعكس ما هو أكثر من عدم التسامح الديني تجاه الأقلية، بل إنه يعبر عن الجيوسياسية الإقليمية التي تتنافس فيها السياسة السعودية الخارجية مع إيران، ما أدى بالتالي إلى توسيع درجة الشك والعداء”، مستدلة :” في اليمن مثلا، شن التحالف الذي تقوده السعودية حربا ضد الشيعة الزيديين المسلحين المعروفين بأنصار الله أو الحوثيين، وشن التحالف عشرات من الغارات، التي تركت آثارا خطيرة على المدنيين اليمنيين، وحتى التنافس السعودي مع إيران على سيادة المنطقة أسهم في الطريقة التي عاملت فيها الحكومة السعودية المواطنين الشيعة”.
وبينت “فورين أفيزر” :” السعودية والإمارات العربية المتحدة قالتا إن إيران تقوم بتوسيع نفوذها في اليمن ودول الخليج، وهذا زعم عادة ما عكسته مراكز الأبحاث في واشنطن، التي تحظى بدعم مالي من هاتين الدولتين، بل إن المسؤولين السعوديين تبنوا خطابا يربط بين شيعة السعودية وإيران”، منوهة :” حاكم المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف آل سعود أثار جدلا في نيسان/ أبريل 2015، عندما قال بعد مقتل رجلي شرطة في مدينة القطيف: “في الوقت الذي يمر فيه بلدنا بما يمر ونقف كتلة واحدة، فإننا نجد أحفاد المتلون الصفوي عبدالله بن سبأ يحاولون تقسيم الكتلة”.
وختمت المجلة الأمريكية تقريرها بالقول :” رغم أن هذه التطورات الإقليمية أدت إلى زيادة الشك من السكان الشيعة، إلا أن اضطهادهم بدأ قبل ذلك فترة طويلة، حيث وثقت منظمة (هيومان رايتس ووتش) هذه المعاملة السيئة لسنوات طويلة، فالشيعة لا يحصلون على معاملة متساوية في النظام القضائي، وتمنعهم الحكومة من ممارسة شعائرهم بحرية، ولا تمنحهم إذنا لبناء مساجد إلا نادرا”،