نشرت صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية تقريرا تطرقت فيه للسبب الذي جعل الإسلاميين في المغرب يطالبون بالعلمانية وفصل الدين عن السياسة، كما تطالب بذلك جماعة العدل والإحسان الصوفية المعارضة.
وقالت الصحيفة :”جماعة العدل والإحسان تريد العودة إلى واجهة المشهد السياسي المغربي؛ من بوابة الحراك الاجتماعي الذي تشهده مدينة الحسيمة، الواقعة في منطقة الريف”، مضيفة :” عشرات الآلاف من المغاربة خرجوا يوم 11 يونيو الماضي إلى شوارع العاصمة المغربية، الرباط، لدعم موجة الحراك الشعبي الذي يهز منطقة الريف. وقد لبى هؤلاء المتظاهرون نداء جماعة العدل والإحسان التي تدعو إلى الوقوف في صف المتظاهرين في الحسيمة”.
وتابعت الصحيفة :”على الرغم من إقصاء جماعة العدل والإحسان تماما عن الحياة السياسية من قبل الدولة، إلا أنها حافظت على حضورها بقوة بين أوساط المجتمع المدني. وسبق أن شاركت الجماعة في احتجاجات شعبية سابقا، على غرار حركة 20 فبراير 2011، جماعة العدل والإحسان تعد الحركة الإسلامية الوحيدة في المملكة المغربية التي تطالب بإقامة نظام ديمقراطي “مثالي”، كما أنها مستعدة للدفاع عن الحريات الفردية. وقد ظهر ذلك، عندما عبرت الحركة عن استعدادها للحوار مع أحزاب اليسار. في الإطار ذاته، تدافع جماعة العدل والإحسان عن إقامة أسس “الدولة المدنية”، وهو ما يتنافى مع لقب العاهل المغربي “أمير المؤمنين” الذي يعد لقبا إسلاميا لطالما اقترن بالملك”، ناقلة تصريحا عن عمر إحرشان، لسان عضو الأمانة العامة لجماعة العدل والإحسان قال فيه:”آراء السياسيين، بما في ذلك الإسلاميين منهم، ليست بمثابة الفتوى التي يجب اتباعها، بل هي مجرد اجتهادات يمكن الأخذ بها أو دحضها، ويعكس ذلك المفهوم الحقيقي للدولة المدنية”.
في سياق متصل، قال محمد طوزي وهو مؤرخ مغربي :”ما تدعيه الجماعة من تطبيق للديمقراطية ولأسس الدولة المدنية ليس سوى مجرد إغراء. فالدولة المدنية تحترم الحريات الفردية، على غرار حرية المعتقد. لذلك، أرى أنه من الصعب على جماعة دينية تقدس الخنوع أن تعترف بالديمقراطية كنظام”، في الوقت الذي قال معطي منجب، الناشط السياسي :”الشق اليساري الوحيد المستعد لتبادل الحوار مع هذه الجماعة هي الأرثوذكسية الماركسية المؤيدة للديمقراطية، والتي يمكن أن تتحالف مع الجماعة على الرغم من مرجعيتها الإسلامية، حيث يرى هذا الشق اليساري أنه من الأجدر التقرب من هذه الجماعة بهدف الوقوف في وجه النظام. وعد ذلك شبيها إلى حد ما بالتحالف الذي جمع بين الكاثوليك والحزب الشيوعي في فرنسا مع نهاية الحرب العالمية الثانية، لتشير الصحيفة :”هذا التقارب يعد مجرد تقارب سياسي فحسب. وتجدر الإشارة إلى أن بوادر هذا التقارب ظهرت خلال حراك 20 فبراير 2011، حيث خرج ناشطون من جماعة العدل والإحسان وشباب من اليسار المغربي إلى الشارع للتظاهر جنبا إلى جنب ضد النظام”.
وختمت الصحيفة بالقول”في الوقت الحاضر، تعد جماعة العدل والإحسان من أنشط الحركات السياسية في المغرب، حيث ينخرط فيها حوالي 200 ألف عضو بطريقة سرية (بما أن الدولة لا تعترف بشرعيتها)، في حين يعتقد خبراء سياسيون أن عدد الناشطين في هذه الجماعة الإسلامية لا يتجاوز عتبة 20 ألف شخص”.