اعتبر حسن طارق، وهو أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة إن القصر الملكي المغرب (في إشارة إلى الملك) لم يقدم بعد جوابا سياسيا للحراك المشتعل شمالا في منطقة الحسيمة، معلقا أن هذا الأمر راجع إلى عدم تفهم الطبيعة الاجتماعية لهذا الحراك.
وقال طارق وهو مفكر يساري وبرلماني سابق إن العديد من المحسوبين على النظال المغربي حاولوا الركوب على هذه الموجة، إلا أنهم تأكدوا أن الأمر أكبر من قواهم في الشارع.
وتابع المتحدث ذاته :”الجواب السياسي الكبير لم يصل بعد بما في ذلك بلاغ المجلس الوزاري، وحتى الجواب المقترح الذي يربط الاحتجاج ببرنامج تنويمي هو منارة المتوسط يظل بعيدا عن فهم طبيعة ما يجري في المجتمع العميق”، موضحا :”أخاف أن تكون هناك نية لمعاجلة توتر اجتماعي يعبر عن أزمة سياسية وأزمة ثقة في النموذج السياسي، الخوف نابع من أن يكون التدبير مرتبطا بزمن البلوكاج المفبرك، يتم بنوع من الهواية السياسية التي دبرت بها الدولة البلوكاج”.
وأكد طارق :”سوء فهم وضعف استيعاب حقيقة ما حدث، وهناك سوء تقدير للحدث ومضامينه ودلالته، كما أنه نوع من التجريبية، باعتماد المقاربة الأمنية وتصويرها مجدية، إضافة إلى أنه نوع من التهرب من اعتبار الأزمة هي سياسية”، مفيدا :”حراك الريف يشكل من حيث الزمن السياسي “عودة إلى الملكية التنفيذية وتراجع مساحات البرلمانية التي قدمها دستور لعرض 2011، تواجه بدينامية اجتماعية عميقة، قائمة على الطلب وعلى المساءلة”.
وأكد المفكر اليساري المغربي :”المجتمع يتجه إلى أن يصبح مجتمعا يقظا، مجتمعا مسائلا، ومن جهة نظام سياسي لا يقدم هامش نظام يسمح بالمساءلة، لأنه قائم على مجالات كبيرة من اللامسؤولية المنظمة، والنظام المؤسساتي غير قادر على استيعاب هذا الطلب على المساءلة”، مؤكدا :”هناك تناقضا بين مجتمع يطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة وكون الدولة تتجه إلى تحصين جزء من السلطة دون المساءلة مؤسساتيا، وحل هذا التناقض هو الديموقراطية”.
وانتقد أستاذ العلوم السياسية إن مقاربة الدولة لازال عقيمة، معلقا :”عقيدة الهيمنة على المجتمع والتحكم فيه وفي مدخلات الطلب الاجتماعي، وتقوم على التهام المجتمع، لم تعد قادرة على إنتاج نفسها، لأن المجتمع يتحرر من هذه الهيمنة ويبحث عن لغته الخاصة، المجتمع سيدافع عن نفسه وسيقاوم الدولة، فإن كانت الأحزاب حاملة لمشروع الدفاع عن المجتمع فهذا جيد وإن لم يكن فسنكون أمام ديناميات جديدة كما يجري حاليا مع حراك الريف”.
وواصل طارق :” نحن بصدد انبثاق مجتمع المواطنين الذي عبر عن نفسه في 20 فبراير وانتخابات 2015 و2016 التي كرست معنى الهبة الاجتماعية ضد الهيمنة السياسية، حيث كنا أمام مجتمع يقاوم قرارات السلطة”، داعيا الأحزاب إلى التحرك عبر قوله :” يجب على الأحزاب أن تتعلم كيف تفهم المجتمع، والأحزاب المغربية تعرف وظيفتها السياسية في الإنصات للدولة والتقاط إشاراتها، واعتبار العمل السياسي هو تدبير القرب من الدولة، وهي محتاجة إلى مراجعة هذا البراديغم لهويتها، وأن تعتبر أن مهتمها الأساسية أن تلتقط نبض المجتمع، فهي وجدت لتلتقط أسئلة المجتمع ومطالبه وغضبة، والأحزاب لم تعد وحدها مالكة للتعبير عن المجتمع”.
وعلى علاقة مع حزب العدالة والتنمية، الذي يشكل الحكومة الحالية، قال طارق :”حزب العدالة والتنمية مدعو اليوم إلى الحسم في وظيفته، بين حزب سياسي يدبر القرب من السلطة، وبيضة تبحث عن الدفئ في حضنها، أو حزب سياسي ديموقراطي بحساسية إسلامية مسكون بسؤال الديموقراطية واختيار الناس ومطالبهم وحاجاتهم”.