مصر مشتعلة، والسبب إقرار البرلمان المصري لإتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية، والتي حصلت بموجبها الرياض على جزيرتي تيران وصنافير.
على ضوء هذه الأحداث، قامت صحيفة لوبوان الفرنسية تقريرا تناولت فيه تداعيات تنازل الجنرال عبد الفتاح السيسي عن الجزيرتين لصالح المملكة السعودية، مؤكدة أن هذا الأمر يعكس نوعا ما التوافق بين البلدين في مواجهة قطر وإيران.
وقالت الصحيفة الفرنسية :”السعودية لو قامت بشن حملتها الدبلوماسية على قطر، قبل بضعة أشهر، لكانت وجدت نفسها شبه وحيدة في الحرب الدبلوماسية الحالية التي تخوضها ضدها، نظرا للتوترات التي كانت قائمة بينها وبين مصر بسبب العديد من القضايا الإقليمية”، مضيفة :” السعودية قدمت الدعم لنظام السيسي منذ الانقلاب، لذلك حاول الوفاء بالوعد الذي قطعه في أبريل، والذي ستصبح بموجبه جزيرتا تيران وصنافير ضمن الحدود للسعودية، ما يسمح للمملكة بالسيادة على جزيرتين استراتيجيتين تقعان عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر”.
وتابع التقرير الفرنسي :”موافقة البرلمان المصري على الاتفاقية؛ أثارت غضب محامين ومعارضين لا يزالون يتمتعون بحريتهم. فالخوف من القمع لم يمنع مئات الأشخاص من الخروج للتظاهر في الشوارع المصرية احتجاجا على الاتفاقية”، مفيدا :” دعم السيسي لبشار لأسد أثار غضب العاهل السعودي سابقا، ما أدى إلى تعليق شحنات النفط السعودي لمصر. فضلا عن ذلك، حاولت السعودية عرقلة القرض الذي طلبته مصر من صندوق النقد الدولي، والذي تصل قيمته إلى حوالي 12 مليار. ووصل الأمر إلى حد تهديد الملك سلمان بإلغاء جميع الاستثمارات التي وعد بتنفيذها في مصر، والبالغة قيمتها 16 مليار”.
وأوضحت “لوبوان” :”الحكومة المصرية أذعنت أخيرا للضغوط السعودية، نظرا لانهيار السياحة وإيرادات قناة السويس، فأقر البرلمان، الذي يدعم النظام العسكري بمصر، التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، لينقض بذلك حكما قضائيا نهائيا للمحكمة الإدارية العليا”.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة المتخصصة في الشرق الأوسط، في معهد كارنيغي للسلام الدولي، ميشيل دون قولها :”مدادات النفط التي توفرها السعودية تعتبر ذات أهمية كبيرة بالنسبة لميزانية نظام السيسي”، مضيفة :”على الرغم من أنه توجد العديد من القضايا الإقليمية الشائكة، التي تختلف حولها السعودية ومصر، خاصة في سوريا واليمن، إلا أنه يبدو أن السيسي والملك سلمان قد توصلا إلى اتفاق حول ثمن الحصول على الدعم السعودي، والذي كان تسليم الجزيرتين”.
كما نشرت الصحيفة تصريحا للباحث تيموثي إي كالداس، من معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط تصريحا قال فيه :”تدابير التقشف التي تتخذها السعودية تناقض بشدة السياسة السخية التي تنتهجها تجاه مصر”. وأضاف أنه “في حين تحاول السعودية الحد من الإنفاق العام، وجدت نفسها مضطرة أمام الرأي العام الدولي إلى إطهار أنها سوف تدفع الملايين من الدولارات مقابل تسليمها الجزيرتين”.
وختمت الصحيفة بالقول :”ن الجزيرتين تحظيان بموقع جغرافي استراتيجي في المنطقة، نظرا لأنهما تقعان عند مدخل خليج العقبة، الذي يمثل نقطة العبور الوحيدة إلى البحر الأحمر، بالنسبة لكل من إسرائيل والأردن، خلال اتفاقية كامب ديفيد، أصبحت مصر أول دولة عربية تعترف بدولة إسرائيل. لذلك هل السعودية على استعداد لتخطي هذا الخط الأحمر، الذي لا يزال يثير انقسامات عميقة في العالم العربي. ومن جهتها، فإن حكومة إسرائيل المحافظة، التي تشارك السعودية نفس هاجس الكراهية لإيران، سوف ترحب باعتراف السعودية بوجودها”.