اعتبر منصف المرزوقي، أول رئيس تونسي بعد ثورة الياسمين بالبلاد أن باب الثورة العنيفة هذه المرة مفتوح عن آخره، لأن الأنظمة الفاسدة لازالت متشبثة بالعنف ولم تحقق أبدا مطالب الشعوب العربية.
وقال المرزوقي في لقاء مع قناة الجزيرة القطرية في برنامج “المقابلة” :”من يدور في فلك الأنظمة الفاسدة في الدول العربية لم يتعلم شيئا من الثورات التي قامت، بل استمر الظلم والفقر والجوع والفساد في هذه البلدان، ما ينبئ بقيام انفجارات كبيرة في المستقبل”، مضيفا :” الثورة التونسية عندما قامت لم تكن تهدف إلى الانتقام من النظام الديكتاتوري الذي كان يمثله الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لا يوجد في تاريخ الثورات العربية أو في تاريخ الثورات الإنسانية منظومة تسامحت مع خصومها أكثر من الثورة التونسية، وهذا كان توجهي..” مضيفا :” كان هناك توجه عام من أننا لم نأت للانتقام،الثورة التونسية في تسامحها واعتدالها مدرسة”.
وتحدث المرزوقي عن مفهوم العدالة الإنتقالية، حيث قال :” كنت أول المنظرين للعدالة الانتقالية وأول من دعا إليها وذهبت إلى جنوب أفريقيا لنقل هذه التجربة.. كما أني دافعت عن العدالة الانتقالية مدة فترة رئاستي طيلة ثلاثة سنوات”، مضيفا :” هي العدالة الانتقالية بدل العدالة الانتقامية”.
وتحدث المرزوقي عن علاقته بالرؤساء العرب حيث قال :” الرؤساء العرب كانوا يتعاملون معي بكثير من الحذر والتحفظ.. وكنت أعتبر نفسي ظاهرة في داخل هذه المجموعة”.
وعن الوضع في تونس أفاد الرئيس التونسي السابق :” الجيش كان مهملا في بن علي لأنه كان خائفا منه، الجيش كان فقيرا من جميع النواحي سواء المادية أو المعنوية أو من حيث التسليح، وكانت من أولوياتي إعادة الاعتبار للجيش، وأيضا إعادة تسليحه، خاصة وأن الجيش لم يقمع الثورة، ولهذا كان لابد أن نرد له الاعتبار”، مضيفا :” قطر وتركيا ساعدتا تونس في أكلح أوقاتها” ،مضيفا :” ساعدتنا تركيا في تسليح الجيش فيما ساعدتنا قطر في إرجاع ثرواتنا المنهوبة في الخارج وفي منحنا هبات ومنح”.
كما تطرق المرزوقي عن “الكتاب الأسود” حيث قال :” اكتشفت الكثير من الأسرار في القصر وكان بإمكاني الإطاحة وفضح الكثير لكنني لم أقم بذلك بل طلبت بإعداد ملف لفضح الفساد، لكن عندما أصر الإعلام على مواصلة حربه على حكومة الترويكا بأقذر الوسائل، قررنا إعداد تقرير الكتاب الأسود والذي يكشف عن علاقة الإعلام مع نظام بن علي، ليقدم للمجلس التأسيسي بهدف مواجهة ظاهرة إعلام الثورة المضادة، لكن الكتاب سرق وطبع مما أثار أزمة مع وسائل الإعلام”، مضيفا :” الأجهزة الإعلامية المملوكة للثورة المضادة لم تكف عن التشنيع به، وكنت أعتبر هذه القذارة يجب أن تظهر”.
وعن خلافه مع حركة النهضة الاسلامية، قال المرزوقي :” في البداية كان لديهم هدف مشترك وهو محاربة الاستبداد وبناء دولة ديمقراطية والتمسك بثوابت الهوية والدين الإسلامي، وبالأساس القضاء على النظام القديم”، مضيفا :” لكن ما حدث بعد 2013 قيموا الإخوان في النهضة الوضع عربيا ودوليا على أساس أن هذه الثورات ليست لها مستقبل وأن مواجهة النظام القديم قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه مثل ما وقع في سوريا، وبالتالي من الأحسن لمستقبل تونس هو أن يصير فيه تفاهم مع النظام القديم .. لكني قلت لهم أنتم على خطأ.. لن نصبح مثل مصر لأن مصر لديه جيش انقلابي عكسنا.. ولن يكون لنا مصير مثل سوريا، لأنه ليست لدينا فسيفساء عقائدية فغالبية التونسيين عرب مالكيين، ولا يمكن أن يقع لنا مثل ما وقع في اليمن وليبيا..وبالتالي يجب أن نثبت على محاربة هذا النظام القديم الذي وصلنا إلى الهاوية إلا أنهم رفضوا.. وهنا افترقنا..”.